والعرب لا رائد يزجي صفوفهم توزعتهم قيادات وأشجان تضافروا فانتشى تشرين منتصرا وهادنوا، فاستردت أهلها الحان وراح سيناء يطوي الحرب منفردا وفرق العرب سيناء وجولان!...
لبنان، مهما أضاع الحرف قبلته يبقى به من أريج الروح ريحان سكبت في أحرفي روحي، وأطلقها حزينة، والرؤى غيم ودخان وللرصاص أزيز، والأنين صدى موت بطئ، وللأشباح إرنان...
وقال:
قولي أحبك، لا تملي * فالصمت عنوان التخلي قد قلتها وأعدتها * لكنها لم تشف غلي!
لي في سماعك نشوة الصوفي في غمر التجلي ولكل بوح لذة * بكر كفجر مستهل!
قولي أحبك! نغميها * في فؤادي المضمحل فالحب في كبت العواطف * زهرة من غير طل أنا ظامئ مهما نهلت * فاترعي الأكواب، علي...
عل الحياة بكربها * تصفو لنا حتى التملي لي في سماعك نشوة * قولي أحبك، لا تملي!...
وقال من قصيدة طويلة بعنوان: الثورة السوداء، وقدم لها بما يلي:
عاشرت الزنوج رفيقا وصديقا وزميلا ومخدوما. وفي كتب الدراسة وفي مطالعاتي الواسعة، كم قرأت عن تاريخ بلادهم واستعمار البيض لها واضطهاد شعوبها تحت ستار التمدين، وفي السنوات العشرين الأخيرة، كم أعجبت بجهاد الأفارقة من اجل استقلالهم، وبالبطولات الحربية والفكرية التي كرست هذا الاستقلال:
عبثا فتشت، ملء الدين والدنيا وعمر الكون، عن لون سواه عبثا بالماء، بالصابون، بالثلج المفضض بالدعاء الواله العربيد، بالنجوى المريرة بالتعاويذ القديرة...
لم أجد ما يجعل الأسود أبيض هو لوني، لوني الأعمى، ولا يجلى عماه!
أنا أسود لفني الليل بجلباب الدجى وتفشى في إهابي وسجا وتمرد كل جسمي، ما عدا كفي، فحم يلمع والسني الأسود في عيني برق يسطع والحجى في الأحاجي والدياجي يسكع أنا في الهوة أهوي أبدا تحت الخطايا واصلا آلام ناسوتي بالام البرايا ضاربا كالقدر الخفاش أضلاع الخفايا في ظلام الظلم، في ليل النهار الجهر، في المأساة قلبي يتنهد راعش الخفق، عنيا، مشرئبا يتوعد صارخا في دغش الصمت المعمى: أنا أسود!...
أسود اللون أنا، والحظ والتاريخ، عبد من ترى قد صنع التاريخ بهتانا وزورا من ترى قد صنف الحظ قصورا وقبورا وهناء مستطابا وعذابا مستطيرا وجسوما في مهاوي الطمع الجاني جسورا من ترى قد صنع التاريخ إقطاعا عليه الحظ جند؟...
تلك أيد خنقت روح المفاهيم، الضميرا!، قيل لي - قيل لنا، للسود - قول ماكر التزوير، وغد:
في حنايا الغرفة السوداء، حيث المبتدا حيث لا شئ يضئ صنعت جدي لما أسودا يد عات... وانتضت من صدره ضلعا سوداء صاغتها وفاقا زوجة مشبوبة الحس هوت في خدره تلقح الذل جناسا وطباقا واستكان الكون... والزنج يضجون بأصفاد، رقاقا!
هكذا قيل، وقيل العكس، ما لي أتوجد؟
علتي أني كالزلة أسود:
قبلتني الشمس أجيالا وأجيالا طوالا قلبتني فوق مشوى الاستواء غلغلت - ألسنة زرقا - بعزمي وابائي فحمت جلدي، عضتني بشعري فتجعد أترعت نفسي كلالا...
أهو ليل، أهو شمس مولدي؟... ما الفرق، والطالع نحس؟
انا منذ الدهر في سجن مؤبد أزلي ثوبي الغيهب في المحنة سرمد مات بي الإنسان في النسيان، في الذل المعبد