مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٩٧
مرعش سنة 332 ه‍ (953 م) فيجرح في وجهه ويقع ابنه قسطنطين أسيرا فيمن يقع من الاسرى.
ويكبر الامر على برداس ويبلغ به الحزن مداه على أسر ولده، فلا يجد ملاذا لخيبته وأحزانه الا الترهب ودخول الدير.
ويأتي شقيقه نقفور فوكاس الثاني وهو أشرس الثلاثة واعتاهم، وقد كانت مطامحه متوازية مع شراسته وعتوه. وقد سبق له قبل توليه الملك ان قهر العرب حين كان قائدا عاما للقوات البيزنطية البرية والبحرية في الجبهة الغربية، فانتزع منهم جزيرة كريت سنة 350 ه‍ (961 م).
ثم ازداد طموحا وثقة بالنفس بعد ان تولى الملك سنة 352 ه‍ (963 م) بتزوجه ثيوفانو أرملة الإمبراطور رومانوس واعلان نفسه إمبراطورا. وكان شعاره الوصول إلى القدس، وحين تقدم ففتح طرسوس خطب على منبرها قائلا ان هذه البلدة هي التي كان تعوقه عن الوصول إلى القدس.
الأسطول الفاطمي وفي هذا الوقت كان على رأس الدولة الفاطمية خليفة خليق بالمهمة التي أعدتها له المقادير هو المعز لدين الله. وإذا كانت مهمة سيف الدولة الحمداني مقصورة على مقاتلة البيزنطيين برا فاكتفى باعداد الجيوش البرية، فأن مهمة المعز الفاطمي كانت مزدوجة إذ كان عليه ان يقاتل برا وبحرا، لذلك انصرف أول ما انصرف إلى اعداد أسطول ضخم جعل منه سيد البحر المتوسط، حتى لقد وصف أحد المؤرخين الوضع قائلا: " استطاع المعز بفضل أسطوله القوي ان يجعل غربي البحر الأبيض المتوسط بحيرة فاطمية ". وقد خص هذا المؤرخ غربي البحر، لأن الفاطميين لم يتقدموا بعد إلى الشرق ولم يصلوا إلى مصر وبلاد الشام. اما بعد ان وصلوا اليهما فقد أصبح هذا البحر كله بغربيه.
وشرقيه بحيرة فاطمية. كما امتد أسطولهم إلى البحر الأحمر، فكما كانت الإسكندرية ودمياط في مصر وعسقلان وعكا وصور وصيدا في الشام أهم المرافئ تتجمع فيها قطع هذا الأسطول في البحر الأبيض، كانت عيذاب أهم مرافئ البحر الأحمر.
وقد أثار هذا الأسطول شاعرية شاعر المعز، محمد بن هاني الأندلسي فأنطقها بقصيدة من عيون الشعر العربي الخالد، تحسب وأنت تقرأها انك امام وصف أسطول حربي معاصر، يقول فيها مخاطبا المعز بعد انتصار الأسطول في احدى معاركه الكبرى مع أسطول البيزنطيين:
لك البر والبحر العظيم عبابه * فسيان أغمار تخاض وبيد وما راع ملك الروم الا اطلاعها * تنشر اعلام لها وبنود عليها غمام مكفهر صبيره * له بارقات جمة ورعود مواخر في طامي العباب كأنه * لعزمك باس أو لكفك جود أنافت بها اعلامها وسمالها * بناء على غير العراء مشيد من الراسيات الشم لولا انتقالها * فمنها قنان شمخ وريود من القادحات النار تضرم للصلى * فليس لها يوم اللقاء خمود إذا زفرت غيظا ترامت بمارج * كما شب من نار الجحيم وقود فأنفاسهن الحاميات صواعق * وأفواههن الزافرات حديد لها شعل فوق الغمار كأنها * دماء تلقتها ملاحف سود ولابن هاني في وصف معارك هذا الأسطول الخالدات من القصائد التي نعتبر من أروع ما خلف الشعراء العرب من تراث شعري ملحمي، ولا يتسع المجال هنا للإفاضة في الحديث عنها ولكننا نكتفي بهذه الأبيات من قصيدة يخاطب فيها ابن هاني نقفور فوكاس بعد هزيمة أسطوله امام الأسطول الفاطمي:
وبعثت بالأسطول يحمل عدة * فأثابنا بالعدة الأسطول أدى الينا ما جمعت موفرا * ثم انثنى بأليم وهو جفول ومضى يخف على الجنائب حمله * ولقد يرى بالجيش وهو ثقبل ثم يموت بطل الحمدانيين بل بطل العرب في عصره سيف الدولة، فيموت بموته عنفوان الدولة، ولا يكون في خلفائه من له شئ من صفاته، وتنهار الجبهة الشرقية امام البيزنطيين، في حين ظلت الجبهة الغربية، جبهة الفاطميين قوية عنيفة بتوالي الخلفاء الأقوياء، وكانت قد بلغت في ذلك كل مبلغ بوصول الفاطميين إلى مصر والجزيرة العربية وبلاد الشام.
الشعر في معارك الظفر من حسن حظ الأدب العربي ان قد رافق معارك الظفر التي قادها سيف الدولة الحمداني والمعز لدين الله الفاطمي شاعران عبقريان، ولن نقول عن المتنبي شاعر سيف الدولة شيئا، فهو مالئ الدنيا وشاغل الناس في عصره وفي كل العصور حتى هذا العصر. ولكن لا بد لنا من كلمات قصار عن الشاعر الآخر شاعر المعز: محمد بن هاني الأندلسي الذي بلغ من تفاخر مواطنيه به سواء في منبته بالأندلس أو في مهجره بشمال إفريقية، ان سموه متنبي المغرب، كما سموا بعد ذلك ابن زيدون: بحتري المغرب، على عادتهم في محاولة مماشاة المشرق في كل شئ.
ولقد رأينا فيما تقدم نموذجا من شعر ابن هاني في وصف الأسطول، وكل قصائده في وصف المعارك لا سيما البحرية منها على هذا النسق المتألق المتوثب، حتى لقد كان جديرا بان يحمل اسم (متنبي المغرب)، والموضوع الذي حلق فيه متنبي المشرق هو الموضوع الذي حلق فيه متنبي المغرب، وهو المعارك الظافرة والبطولة العربية الهادرة.
وكانت شهرة ابن هاني قد امتدت إلى المشرق حتى وصلت إلى المتنبي نفسه، وقيل إن المتنبي كان عازما بعد فراق سيف الدولة على التوجه إلى المغرب فلما بلغته قصيدة لابن هاني مطلعها:
تقدم خطى أو تأخر خطى * فان الشباب مشى القهقرى عدل عن عزمه وقال: لقد سد علينا ابن هاني طريق المغرب. ولم يحدد المؤرخون الذين رووا هذا القول زمن هذا العزم، ولم يوضحوا هل كان قبل ذهابه إلى كافور أو بعد مفارقته له.
ومهما كان من امر فان القصة تدل على تهيب المتنبي من مجاورة ابن هاني.
ومن المؤسف ان الحياة لم تطل بابن هاني. فقد اغتيل وهو لم يتجاوز السادسة والثلاثين، وكان اغتياله وهو يهم باللحاق بالمعز إلى القاهرة. ولقد خسر الشعر العربي خسارة كبرى بموت ابن هاني قبل ان يصل إلى مصر، فلو وصلها ورافق المعز في حياته المصرية وما حفلت به من أمجاد لترك تراثا شعريا رائعا.
ولقد تألبت على ابن هاني قوى شتى عملت جاهدة على طمس اسمه وتشويه امره واخمال ذكره، ولقد نجحت في ذلك إلى حد بعيد، ولست الآن في صدد الإشارة إلى هذه القوى.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301