مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١٣
من حيث علاقته بهم وعلاقتهم به، أو من حيث موقفهم السياسي أو العسكري من أعدائهم والطامعين في بلادهم أو في موقف أعدائهم منهم.
ولكن سنجد في " اللزوميات " أفكارا وآراء كثيرة تتسم بالطابع الفكري النظري وهي ذات مقاصد سياسية واجتماعية متأثرة بجوهر الأوضاع السياسية والاجتماعية التي كانت تسود المجتمع العربي الاسلامي في عهده، وكانت الدولة العربية الإسلامية، بوجه عام، مصدر الكثير من هذه الأوضاع. انه يتحدث هناك عن الرؤساء والأمراء إذ يراهم يعدون على الرعية، وهم اجراؤها، ويتحدث عن مظاهر الفساد والاضطراب في مختلف مناحي الحياة العربية يومئذ، ويتحدث عن المظالم الاجتماعية تصيب فئات المجتمع الضعفاء، وعن سوء توزيع الحظوظ بين الناس، إلى غير ذلك من الانعكاسات الحقيقية الصادقة عن أوضاع المجتمع والدولة في شعر " اللزوميات " كما يعرف الجميع.
ولكن، ما إلى هذا النوع قصدت، حين وضعت السؤال بأمر الشعر القومي في أدب أبي العلاء. بل قصدت إلى وجه آخر من هذا الأمر، حيث يبدو الشاعر وكأن احساسا ينبع من وجدانه الشاعري فيهز ملكاته وأدواته الفنية للتعبير عن عاطفة الاعتزاز بقومه: بتقاليدهم، بمفاخرهم، بشمائل معينة من أخلاقهم، بوقائع معروفة من فعالهم، بمزايا مأثورة من مزاياهم وخصائص تاريخهم... هل في شعر " سقط الزند " شئ من هذا؟
نعم، وهنا لنا فارق جديد بين " سقط الزند " و " اللزوميات "، أو بين المعري في مرحلتيه: الأولى والثانية:
نقرأ قصيدته التي مطلعها:
هو الهجر حتى ما يلم خيال وبعض صدود الزائرين وصال وعجيب ان المعري يخرج من المطلع هذا، ليدخل رأسا إلى موضوع القصيدة، دون أن يستنفد شيئا من طاقته في ما عودنا إياه من تقديم الغزل والنسيب ووصف المسير والإبل والفيافي ومشاق الاسفار وظلمات الليالي وعصف الرياح ومشاهد النجوم ووهج السيوف واكتظاظ الرماح، إلى نهاية السلسلة...
ينتقل من المطلع رأسا، وهو طافح العنان، إلى حديث هذا الفتى العربي الذي " تقصر الابصار عن قسماته " وتقوم الهيبة والجلال يسترانه دون كل ستر يمنع النظر إليه، ونحن لا نعرف من هو هذا الفتى المهيب، ولكننا نعرف انه قائد معركة دارت في " حارم " من شمال سوريا، وأن المعركة كانت على الثغور بين جيشه وجيش الروم الذي اعتاد أن يغزو بلاد العرب على تلك الحدود، ويهيجنا الشاعر لأن نصغي ونرى كيف يجيش على الخيل التي يقودها الفتى العربي بحر من الكتائب، وتخر إليها الشهب وهي نصال، وكيف يترامى إلى المعركة:
فوارس قوالون للخيل أقدمي وليس على غير الرؤوس مجال لهم أسف يزداد اثر الذي مضى من الدهر سلما ليس فيه قتال بأيديهم السمر العوالي كأنما يشب على اطرافهن ذبال (1) وبعد قليل نرى الشاعر، في انقض الحماسي، وقد انقض على جماعة الروم الغزاة، حين تصورهم في غمرة الذعر وشدة المحنة عند لقاء الكتائب اليعربية، فإذا هو يجهز عليهم بهذا الهدير:
بني الغدر، هل ألفيتم الحرب مرة وهل كف طعن عنكم ونضال وهل أطلعت سحم الليالي عليكم وما حان من شمس النهار زوال (2) وهل طلعت شعث النواصي عوابسا رعال ترامى خلفهن رعال (3) لها عدد كالرمل المبر على الحصا ولكنها عند اللقاء جبال (4) فان تسلموا من سورة الحرب مرة وتعصمكم شم الأنوف طوال (5) ففي كل يوم غارة مشمعلة وفي كل عام غزوة ونزال (6) خذوا الآن ما يأتيكم بعد هذه ولا تحسبوا ذا العام، فهو مثال ونجري سراعا مع الشاعر، لكي نرى خيل الكتائب العربية، وهن:
يردن دماء الروم، وهي غريضة ويتركن ورد الماء، وهو زلال (7) تجاوزه بالوثب كل طمرة تمازج في فيها دم ورؤال (8) تدانت به الأقران، حتى تجاثأت كأن قتال الفيلقين جدال (9) وقد علم الرومي انك حتفه على أن بعض الموقنين يخال فما كبروا حتى يكونوا فريسة ولا بلغوا ان يقصدوا فينالوا ونجول جولة ثانية في " سقط الزند "، فإذا بنا نقف دهشين أمام هذا المستهل يفجؤنا منه هذا الصدى المتجاوب المرنان:
لقد آن أن يثني الجموح لجام وأن يملك الصعب الابي زمام أ يوعدنا بالروم ناس، وإنما هم النبت، والبيض الرقاق موام؟
أبو العلاء هنا فارس على أهبة ان ينزل المعركة، ولكنه يبتدر العدو بالنذير الرهيب قبل النزال، والعدو هنا هو جيش الروم كذلك أو من يواليهم ويستعديهم من الخونة الأعراب، والمعركة دفاع عن الثغور، وذياد عن الحمى العربي، وانتخاء لضرب الغزاة، واعتزاز بأمجاد الفروسية العربية:
كان لم يكن بين المخاض وحارم كتائب يشجين الفلا وخيام (10) ولم يجلبوها من وراء " ملطية " تصدع أجبال بها وآكام (11) كتائب من شرق وغرب تألبت فرادى أتاها الموت، وهي تؤام غرائب در جمعت، ثم ضيعت وقد ضم سلك شملها ونظام بيوم كأن الشمس فيه خريدة عليها من النقع الاحم لثام (12) كأنهم سكرى أريق عليهم بقايا كؤوس ملؤهن مدام فأضحوا حديثا كالمنام وما انقضى فسيان منه يقظة ومنام والظاهر من سياق القصيدة انها موجهة إلى قائد عربي امتحنته التجارب بمقاتلة الروم، ولكن المصادر التي بأيدينا لا تعين لنا هذا القائد، غير أن لهجة أبي العلاء في هذه القصيدة ليست لهجة المادح كما نعرف طرق المدح في شعرنا القديم، بل من الواضح أن أبا العلاء هنا يعبر عن انفعال وجداني بالقضية التي

(1) الذبال: جمع ذبالة، وهي الفتيلة المشعلة.
(2) السحم: السود.
(3) رعال: جمع رعيل، وهو قطعة من الخيل.
(4) المبر: الزائد أبر: زاد.
(5) سورة الحرب: سطوتها وشدتها. ويقصد بشم الأنوف هنا: الجبال العالية.
(6) أشمعلت الغارة: انتشرت في العدو.
(7) غريضة: طريئة.
(8) فرس طمرة: وثابة. الرؤال: اللعاب.
(9) الضمير في البيت يرجع إلى الماء. تجاثأت: أي جئت على الركب.
(10) المخاض: نهر قرب المعرة.
(11) ملطية: مدينة بأطراف الروم كان قد فتحها العرب زمن الصحابة، ثم غلب عليها الروم سنة ثلاثمائة هجرية.
(12) خريدة: امرأة حيية. النقع: الغبار الأحم: الأسود.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301