فقام فعاد وانتظر أبو جعفر أن يرى لقيامه إلى أبيه وكلامه أثرا فلم يره فعاد إلى وعيده الأول وتهدده فقال أما والله لأعجلن لك فيه ما يسوءك ويوئسك من بقائه بعدك أيا ربيع قم إلى موسى فأحنقه بحمائله فقام الربيع فضم حمائله عليه فجعل يخنقه بها خنقا رويدا وموسى يصيح الله الله يا أمير المؤمنين في وفى دمى فإني لبعيد مما تظن بي وما يبالي عيسى أن تقتلني وله بضعة عشر نفرا ذكرا كلهم عنده مثلي أو يتقدمني وهو يقول اشدد يا ربيع ائت على نفسه والربيع يوهم أنه يريد تلفه وهو يراخى خناقه وموسى يصيح فلما رأى ذلك عيسى قال والله يا أمير المؤمنين ما ظننت أن الامر يبلغ منك هذا كله فمر بالكف عنه فإني لم أكن لأرجع إلى أهلي وقد قتل بسبب هذا الامر عبد من عبيدي فكيف أبا بنى فها أنا أشهدك أن نسائي طوالق ومماليكي أحرار وما أملك في سبيل الله تصرف ذلك فيمن رأيت يا أمير المؤمنين وهذه يدي بالبيعة للمهدى فأخذ بيعته له على ما أحب ثم قال يا أبا موسى إنك قد قضيت حاجتي هذه كارها ولى حاجة أحب أن تقضيها طائعا فتغسل بها ما في نفسي من الحاجة الأولى قال وما هي يا أمير المؤمنين قال تجعل هذا الامر من بعد المهدى لك قال ما كنت لادخل فيها بعد إذ خرجت منها فلم يدعه هو ومن حضره من أهل بيته حتى قال يا أمير المؤمنين أنت أعلم فقال بعض أهل الكوفة ومر عليه عيسى في موكبه هذا الذي كان غدا فصار بعد غد وهذه القصة فيما قيل منسوبة إلى آل عيسى انهم يقولونها * وأما الذي يحكى عن غيرهم في ذلك فهو أن المنصور أراد البيعة للمهدى فكلم الجند في ذلك فكانوا إذا رأوا عيسى راكبا أسمعوه ما كره فشكا ذلك إلى المنصور فقال للجند لا تؤذوا ابن أخي فإنه جلدة بين عيني ولو كنت تقدمت إليكم لضربت أعناقكم فكانوا يكفون ثم يعودون فمكث بذلك زمانا ثم كتب إلى عيسى بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى عيسى بن موسى سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فالحمد لله ذي المن القديم والفضل العظيم والبلاء الحسن الجميل الذي ابتدأ الخلق بعلمه وأنفذ القضاء بأمره فلا يبلغ مخلوق كنه حقه ولا ينال في عظمته كنه ذكره يدبر ما أراد من الأمور بقدرته ويصدرها عن مشيئته لا قاضى فيها غيره
(٢٧٥)