موسى بن عيسى أن يرفق به حتى يرده فدعا له عيسى ببنى عشر سنين قد حفظ الخطب والمواعظ فكلمه كلاما كثيرا ووعظه بما لم يسمع العمرى بمثله ونهاه عن التعرض لأمير المؤمنين فأخذ نعله وقام وهو يقول " فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير " * وذكر بعضهم أنه كان مع الرشيد بالرقة بعد أن شخص من بغداد فخرج يوما مع الرشيد إلى الصيد فعرض له رجل من النساك فقال يا هارون اتق الله فقال لإبراهيم بن عثمان بن نهيك خذ هذا الرجل إليك حتى أنصرف فلما رجع دعا بغدائه ثم أمر أن يطعم الرجل من خاص طعامه فلما أكل وشرب دعا به فقال يا هذا انصفني في المخاطبة والمسألة قال ذاك أقل ما يجب لك قال فأخبرني أنا شر وأخبث أم فرعون قال بل فرعون قال أنا ربكم الاعلى وقال ما علمت لكم من إله غيري قال صدقت فأخبرني فمن خير أنت أم موسى ابن عمران قال موسى كليم الله وصفيه اصطنعه لنفسه وأتمنه على وحيه وكلمه من بين خلقه قال صدقت أفما تعلم أنه لما بعثه وأخاه إلى فرعون قال لهما قولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى * ذكر المفسرون أنه أمرهما أن يكنياه وهذا وهو في عتوه وجبريته على ما قد علمت وأنت جئتني وأنا بهذه الحالة التي تعلم أؤدى أكثر فرائض الله على ولا أعبد أحدا سواه أقف عند أكبر حدوده وأمره ونهيه فوعظتني بأغلظ الألفاظ وأشنعها وأخشن الكلام وأفظعه فلا بأدب الله تأدبت ولا بأخلاق الصالحين أخذت فما كان يؤمنك أن أسطو بك فإذا أنت قد عرضت نفسك لما كنت عنه غنيا قال الزاهد أخطأت يا أمير المؤمنين وأنا استغفرك قال قد غفر لك الله وأمر له بعشرين ألف درهم فأبى أن يأخذها وقال لا حاجة لي في المال أنا رجل سائح فقال هرثمة وخزرة ترد على أمير المؤمنين يا جاهل صلته فقال الرشيد أمسك عنه ثم قال له لم نعطك هذا المال لحاجتك إليه ولكن من عادتنا أنه لا يخاطب الخليفة أحد ليس من أوليائه ولا أعدائه إلا وصله ومنحه فأقبل من صلتنا ما شئت وضعها حيث أحببت فأخذ من المال ألفى درهم وفرقها على الحجاب ومن حضر الباب
(٥٣٩)