نازعه قمعه ومن ما كره عن شئ خدعه ومن توكل على الله منعه ومن تواضع لله رفعه ان الذي أسس عليه البناء وخط عليه الحذاء من الخليفة الماضي عهد لي من الله وأمر نحن فيه سواء ليس لأحد من المسلمين فيه رخصة دون أحد فان وجب وفاء فيه فما الأول بأحق به من الآخر وإن حل من الآخر شئ فما حرم ذلك من الأول بل الأول الذي تلا خبره وعرف أثره وكشف عما ظن به وأمل فيه أسرع وكان الحق أولى بالذي أراد أن يصنع أولا فلا يدعك إلى الامن من البلاء اغترار بالله وترخيص للناس في ترك الوفاء فإن من أجابك إلى ترك شئ وجب لي واستحل ذلك منى لم يخرج إذا أمكنته الفرصة وأفتنته بالرخصة أن يكون إلى مثل ذلك منك أسرع ويكون بالذي أسست من ذلك أنجع فاقبل العاقبة وارض من الله بما صنع وخذ ما أوتيت بقوة وكن من الشاكرين فإن الله عز وجل زائدا من شكره وعدا منه حقا لأخلف فيه فمن راقب الله حفظه ومن أضمر خلافه خذله والله يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ولسنا مع ذلك نأمن من حوادث الأمور وبغتات الموت قبل ما ابتدأت به من قطيعتي فإن تعجل بي أمر كنت قد كفيت مؤونة ما اغتنمت له وسترت قبح ما أردت إظهاره وإن بقيت بعدك لم تكن أو عرت صدري وقطعت رحمي ولا أظهرت أعدائي في اتباع أثرك وقبول أدبك وعمل بمثالك وذكرت أن الأمور كلها بيد الله هو مدبرها ومقدرها ومصدرها عن مشيئته فقد صدقت ان الأمور بيد الله وقد حق على من عرف ذلك ووصفه العمل به والانتهاء إليه واعلم أنا لسنا جررنا إلى أنفسنا نفعا ولا دفعنا عنها ضرا ولا نلنا الذي عرفته بحولنا ولا قوتنا ولو وكلنا في ذلك إلى أنفسنا وأهوائنا لضعفت قوتنا وعجزت قدرتنا في طلب ما بلغ الله بنا ولكن الله إذا أراد عزما لانقاذ أمره وإنجاز وعده وإتمام عهده وتأكيد عقده أحكم إبرامه وأبرم أحكامه ونور إعلانه وثبت أركانه حين أسس بنيانه فلا يستطيع العباد تأخير ما عجل ولا تعجيل ما أخر غير أن الشيطان عدو مضل مبين قد حذر الله طاعته وبين عداوته ينزع بين ولاة الحق وأهل طاعته ليفرق جمعهم ويشتت شملهم ويوقع العداوة والبغضاء بينهم
(٢٧٨)