فيدخل فيجلس دون مجلس المهدى عن يمين المنصور أيضا ولا يجلس عن يساره في المجلس الذي كان يجلس فيه المهدى فيغتلظ من ذلك المنصور ويبلغ منه فيأمر بالاذن للمهدى ثم يأمر بعده بالاذن لعيسى بن علي فيلبث هنيهة ثم عبد الصمد ابن علي ثم يلبث هنيهة ثم عيسى بن موسى فإذا كان بعد ذلك قدم في الاذن للمهدى على كل حال ثم يخلط في الآخرين فيقدم بعض من أخر ويؤخر بعض من قدم ويوهم عيسى بن موسى أنه انما يبدأ بهم لحاجة تعرض ولمذاكرتهم بالشئ من أمره ثم يؤذن لعيسى بن موسى من بعدهم وهو في ذلك كله صامت لا يشكو منه شيئا ولا يستعتب ثم صار إلى أغلظ من ذلك فكان يكون في المجلس معه بعض ولده فيسمع الحفر في أصل الحائط فيخاف أن يخر عليه الحائط وينتثر عليه التراب وينظر إلى الخشبة من سقف المجلس قد حفر عن أحد طرفيها لتقلع فيسقط التراب على قلنسوته وثيابه فيأمر من معه من ولده بالتحويل ويقوم هو فيصلى ثم يأتيه الاذن فيقوم فيدخل بهيئته والتراب عليه لا ينفضه فإذا رآه المنصور قال له يا عيسى ما يدخل على أحد بمثل هيئتك من كثرة الغبار عليك والتراب أفكل هذا من الشارع فيقول أحسب ذلك يا أمير المؤمنين وإنما يكلمه المنصور بذلك ليستطعمه أن يشكو إليه شيئا فلا يشكو وكان المنصور قد أرسل إليه في الامر الذي أراده منه عيسى بن علي فكان عيسى بن موسى لا يحمد منه مدخله فيه كأنه كان يغرى به فقيل إنه دس لعيسى ابن موسى بع ما يتلفه فنهض من المجلس فقال له المنصور إلى أين يا أبا موسى قال أجد غمزا يا أمير المؤمنين قال ففي الدار إذا قال الذي أجده أشد مما أقيم معه في الدار قال فإلى أين قال إلى المنزل ونهض فصار إلى حراقته ونهض المنصور في أثره إلى الحراقة متفزعا له فاستأذنه عيسى في المصير إلى الكوفة فقال بل تقيم فتعالج ههنا فأبى وألح عليه فأذن له وكان الذي جرأه على ذلك طبيبه بختيشوع أبو جبرئيل وقال إني والله ما أجترئ على معالجتك بالحضرة وما آمن على نفسي فأذن له المنصور وقال له أنا على الحج في سنتي هذه فأنا مقيم عليك بالكوفة حتى تفيق إن شاء الله وتقارب وقت الحج فشخص المنصور حتى صار بظهر الكوفة في موضع يدعى
(٢٧٢)