فأجابه إلى ذلك فقدم على أبى العباس في جماعة من أهل خراسان عظيمة ومن تبعه من غيرهم الأنبار فأمر أبو العباس الناس يتلقونه فتلقاه الناس وأقبل إلى أبى العباس فدخل عليه فأعظمه وأكرمه ثم استأذن أبا العباس في الحج فقال لولا أن أبا جعفر يحج لاستعملتك على الموسم وأنزله قريبا منه فكان يأتيه في كل يوم يسلم عليه فكان ما بين أبى جعفر وأبى مسلم متباعدا لان أبا العباس كان بعث أبا جعفر إلى أبى مسلم وهو بنيسابور بعد ما صفت له الأمور بعهده على خراسان وبالبيعة لأبي العباس ولأبي جعفر من بعده فبايع له أبو مسلم وأهل خراسان وأقام أبو جعفر أياما حتى فرغ من البيعة ثم انصرف وكان أبو مسلم قد استخف بأبي جعفر في مقدمه ذلك فلما قدم على أبى العباس أخبره بما كان من استخافه به * قال على قال الوليد عن أبيه لما قدم أبو مسلم على أبى العباس قال أبو جعفر لأبي العباس يا أمير المؤمنين أطعني واقتل أبا مسلم فوالله إن في رأسه لغدرة فقال يا أخي قد عرفت بلاءه وما كان منه فقال أبو جعفر يا أمير المؤمنين إنما كان بدولتنا والله لو بعثت سنورا لقام مقامه وبلغ ما بلغ في هذه الدولة فقال له أبو العباس فكيف نقتله قال إذا دخل عليك وحادثته وأقبل عليك دخلت فتغفلته فضربته من خلفه ضربة أتيت بها على نفسه فقال أبو العباس فكيف بأصحابه الذين يؤثرونه على دينهم ودنياهم قال يؤل ذلك كله إلى ما تريد ولو علموا أنه قد قتل تفرقوا وذلوا قال عزمت عليك الا كففت عن هذا قال أخاف والله إن لم تتغده اليوم أن يتعشاك غدا قال فدونكه أنت أعلم قال فخرج أبو جعفر من عنده عازما على ذلك فندم أبو العباس وأرسل إلى أبى جعفر لا تفعل ذلك الامر * وقيل إن أبا العباس لما أذن لأبي جعفر في قتل أبى مسلم دخل أبو مسلم على أبى العباس فبعث أبو العباس خصيا له فقال اذهب فانظر ما يصنع أبو جعفر فأتاه فوجده محتبيا بسيفه فقال للخصي أجالس أمير المؤمنين فقال له قد تهيأ للجلوس ثم رجع الخصي إلى أبى العباس فأخبره بما رأى منه فرده إلى أبى جعفر وقال له قل له الامر الذي عزمت عليه لا تنفذه فكف أبو جعفر (وفى هذه السنة) حج أبو جعفر المنصور وحج معه أبو مسلم
(١١٩)