ثم ركب البريد حتى قدم على المهدى بنيسابور فسلم عليه واستخلاه وبحضرته أبو عبيد الله فقال المهدى لا عيق عليك من أبى عبيد الله فقل ما بدالك فأبى خازم أن يخبره أو يكلمه حتى قام أبو عبيد الله فلما خلا به شكا إليه أمر معاوية بن عبيد الله وأخبره بعصبيته وتحامله وما كان يرد من كتبه عليه وعلى من قبله من القواد وما صاروا إليه بذلك من الفساد والتآمر في أنفسهم والاستبداد بآرائهم وقلة السمع والطاعة وأن أمر الحرب لا يستقيم إلا برأس أن لا يكون في عسكره لواء يخفق على رأس أحد إلا لواؤه أو لواء هو عقده وأعلمه أنه غير راجع إلى قتال أستاذ سيس ومن معه إلا بتفويض الامر إليه وإعفائه من معاوية بن عبيد الله وأن يأذن له في حل ألوية القواد الذين معه وأن يكتب إليهم بالسمع له والطاعة فأجابه المهدى إلى كل ما سأل فانصرف خازم إلى عسكره فعمل برأيه وحل لواء من رأى حل لوائه من القواد وعقد لواء لمن أراد وضم إليه من كان انهزم من الجنود فجعلهم حشوا يكثر بهم من معه في أخريات الناس ولم يقدمهم لما في قلوب المغلوبين من روعة الهزيمة وكان من ضم إليه من هذه الطبقة اثنين وعشرين ألفا ثم انتخب ستة آلاف رجل من الجند فضمهم إلى اثنى عشر ألفا كانوا معه متخيرين وكان بكار بن مسلم العقيلي فيمن انتخب ثم تعبأ للقتال وخندق واستعمل الهيثم بن شعبة بن ظهير على ميمنته ونهار بن حصين السعدي على ميسرته وكان بكار بن مسلم العقيلي على مقدمته وترار خدا على ساقته وكان من أبناء ملوك أعاجم خراسان وكان لواؤه مع الزبر قان وعلمه مع مولاه بسام فمكر بهم وراوغهم في تنقله من موضع إلى موضع وخندق إلى خندق حتى قطعهم وكان أكثرهم رجالة ثم سار خازم إلى موضع فنزله وخندق عليه وأدخل خندقه جميع ما أراد وأدخل فيها جميع أصحابه وجعل له أربعة أبواب وجعل على كل باب منها من أصحابه الذين انتخب وهم أربعة آلاف وجعل مع بكار صاحب مقدمته ألفين تكملة الثمانية عشر ألفا وأقبل الآخرون ومعهم المرور والفؤوس والزبل يريدون دفن الخندق ودخوله فأتوا الخندق من الباب الذي كان عليه بكار بن مسلم فشدوا عليه شدة لم يكن لأصحاب بكار نهاية دون أن انهزموا
(٢٨٦)