الرصافة فأقام بها أيام فآجري هناك الخيل وعاد عيسى غير مرة ثم رجع إلى مدينة السلام ولم يحج واعتل بقلة الماء في الطريق وبلغت العلة من عيسى بن موسى كل مبلغ حتى تمعط شعره ثم أفاق من علته تلك فقال فيه يحيى بن زياد بن أبي حزابة البرجمي أبو زياد أفلت من شربة الطبيب كما * أفلت ظبى الصريم من فتره من قانص ينفذ الفريص إذا * ركب سهم الحتوف في وتره دافع عنك المليك صولة ليث * يريد الأسد في ذرى خمر حتى أتانا وفيه داخلة * تعرف في سمعه وفى بصره أزعر قد طار عن مفارقه * وحف أثيث النبات من شعره وذكر أن عيسى بن علي كان يقول للمنصور إن عيسى بن موسى إنما يمتنع من البيعة للمهدى لأنه يربص هذا الامر لابنه موسى فموسى الذي يمنعه فقال المنصور لعيسى بن علي كلم موسى بن عيسى وخوفه على أبيه وعلى ابنه فكلم عيسى بن علي موسى في ذلك فأيأسه فتهدده وحذره غضب المنصور فلما وجل موسى وأشفق وخاف أن يقع به المكروه أتى العباس بن محمد فقال أي عم إني مكلمك بكلام لا والله ما سمعه منى أحد قط ولا يسمعه أحدا أبدا وإنما أخرجه منى إليك موضع الثقة بك والطمأنينة إليك وهو أمانة عندك فإنما هي نفسي أنثلها في يدك قال قل يا ابن أخي فلك عندي ما تحبه قال أرى ما يسام أبى من إخراج هذا الامر من عنقه وتصييره للمهدى فهو يؤذى بصنوف الأذى والمكروه فيتهدد مرة ويؤخر أذنه مرة وتهدم عليه الحيطان مرة وتدس إليه الحتوف مرة فأبى لا يعطى على هذا شيئا لا يكون ذلك أبدا ولكن ههنا وجها فلعله يعطى عليه إن أعطى وإلا فلا قال فما هو يا ابن أخي فإنك قد أصبت ورققت قال يقبل عليه أمير المؤمنين وأنا شاهد فيقول له يا عيسى انى أعلم أنك لست تضن بهذا الامر على المهدى لنفسك لتعالى سنك وقرب أجلك فإنك تعلم أنه لا مدة لك تطول فيه وإنما تضن به لمكان ابنك موسى أفتراني أدع ابنك يبقى بعدك ويبقى ابني معه فيلي عليه كلا والله
(٢٧٣)