الجمع بينهما لنحو ما عرفته سابقا، وهذا هو الذي صنف فيه الفاضل " ملا رفيعا " رسالة حاصلها وجوب الجمع المزبور للمقدمة المذكورة، وقد كتب بعض فضلاء عصره رسالة في رده، وقد أطال فيها إلا أنه ما أجاد، وحاصلها منع التكليف هنا بمعين يجب فعل الفرضين مقدمة له، وأنه ليس كناسي خصوص الفائتة باعتبار أن الابهام فيه عارضي من قبل المكلف بخلاف الأول، فإن الابهام فيه من الشارع حينئذ، ومثله غير جائز عقلا ونقلا، وخصوص الصلاة إلى أربع جهات للدليل، فالمتجه حينئذ سقوطهما معا إلا أن يثبت أصالة الظهر، أو أنها هي الواجبة ما لم يثبت الجمعة، فيتعين فعل الظهر، ولا يجوز فعل الجمعة فضلا عن الوجوب، لعدم ثبوت مقتضي جوازها، ومعلوم أن العبادة يحرم فعلها إذا كانت كذلك، وقد أكثر فيها من الكلام بما لا يرجع إلى محصل غير ذلك، وهو كما ترى كلام خال عن التحصيل ناش من عدم الفرق بين الحرمة التشريعية والذاتية، ومن عدم فهم المراد من أدلة أصل البراءة، وأنه لا يشمل الشبهة المحصورة، وأن هذا الابهام ليس من الشارع أولا، وغير قادح ثانيا كما أومأنا إليه سابقا، ومن غريب ما وقع فيها ما ذكره في آخرها فقال: " خاتمة يلزم على ما يراه من وجوب الجمع أن يجوز لهذا الفقيه أن يصلي الجمعة بالناس ثم يصلي بهم الظهر جماعة على أعين الناس، وهذا غريب لم يره عين ولم تسمعه أذن إلى الآن، وسيؤول الأمر إلى ذلك على ما أرى من حالهم، فتصير الخمس الضرورية يوم الجمعة ستا مؤداة بالجماعة، بلى هكذا يتطرق التغيير إلى الأديان على مرور الأزمان، والعياذ بالله وهو المستعان " وهو كما ترى لا ينبغي صدوره من متعلم فضلا عن عالم، وقد حكيناه لتقيس باقي كلامه في رسالته عليه، بل الأقوى أن للمتحير الصلاة جماعة مع من يرى حرمتها، واختلاف وجهي الوجوب بالاحتياط وغيره غير مانع من الائتمام كما هو محرر في محله.
وإن كان تردده لعدم استفراغ الوسع فإن قلنا إن مثله تكليفه الاحتياط اتجه حينئذ