على الأرض لم يخرج بذلك عن الشرعية، فإذا فعل ثانيا كان هو المحدث " وقال أيضا:
" ويعرف أنه المحدث من ظاهر الحال، وانضمام القرائن المستفادة من تتالي الأعصار التي شهدت بأن هذا هو المحدث في زمن عثمان أو معاوية حتى أنه لو حاول أحد تركه قابلوه بالانكار والمنع، والاعتبار بتخصيص يوم الجمعة بأذان آخر من دون سائر الأيام على تطاول المدة من الأمور الدالة على ذلك، وما هذا شأنه لا يكون إلا بدعة ".
قلت: قد يقال: إنه مع قصد البدعي يتعين بقصده سواء كان أولا أو ثانيا، ومع عدم العلم بقصده قيل يمكن اختصاصه بالثاني، لأصالة الصحة في فعل المسلم مهما أمكن فيكون محكوما بصحته، وبتوجه التحريم إلى الثاني، وفيه أنه جار في كل منهما، والسبق لا يشخص، أما مع عدم القصد في الواقع فقد يقال باختصاص الثاني بالبدعية خصوصا إذا صادف الأول التوظيف الشرعي، ويمكن عدم سلامة كل من أذانيه إذا كان قصده من أول الأمر التثنية وأنه جاء بالأول بعنوان الجزء أو كالجزء، وقد يظهر من المنتهى تشخص البدعي بمخالفته للموظف وإن كان أولا قال فيما حكي عنه: " لا نعرف خلافا بين أهل العلم في مشروعية الأذان عقيب صعود الإمام المنبر ولو سئل عن المحدث لقالوا: إنه الأول، والثاني هو الذي فعله النبي (صلى الله عليه وآله) وإن لم يكن الوقت والمكان شرطا إلا أنه بذلك علما لما فعله وممتازا عن غيره، ولو تغير المكان لقيل بتغير ذلك أيضا " ومما ذكرنا يعرف ما فيه، بل قد يمنع اعتبار هذه النسبة العرفية المبنية على الظاهر، وفي الخلاف " لا بأس أن يؤذن اثنان واحد بعد الآخر، وإن أتيا بذلك موضعا واحدا كان أفضل، ولا ينبغي أن يزاد على ذلك، وقال الشافعي: المستحب أن يؤذن واحد بعد واحد، ويجوز أن يكونوا أكثر من اثنين، فإن كرر وخيف فوات أول الوقت قطع الإمام بينهم الأذان وصلى، دليلنا إجماع الفرقة على ما رووه أن الأذان الثالث بدعة " فدل ذلك على جواز الاثنين والمنع عما زاد على ذلك، وهو صريح في