كون الحكاية مع نفسه الظاهر في إرادة الاسرار بها فلم أقف على ما يشهد له، ولعله لذا قال الكركي فيما حكي عن فوائده على الكتاب: (المراد أن لا يرفع صوته كالمؤذن - قال -: وسمعت من بعض من عاصرناه من الطلبة استحباب الاسرار بالحكاية، ولا يظهر لي وجهه الآن) قلت: كما أنه لم يظهر لنا ما يدل على استحباب خصوص ما ذكره أيضا، اللهم إلا أن يكون هو المتعارف في الحكاية، وغيره محل شك، لكن لو فعل لم يفت استحباب الحكاية، وعن الميسي أن معنى العبارة عدم استحباب الجهر بالحكاية لكن لو جهر لم يخل بالسنة، وهو حسن، وكذا ما ذكره الفاضل الإصبهاني في شرح عبارة القواعد - من أنه (يستحب للحاكي قول ما يتركه المؤذن من الفصول سهوا أو عمدا للتقية إقامة اشعار الايمان) - لم أقف له على ما يشهد له أيضا، إذ ما في صحيح ابن سنان (1) المتقدم (إذا نقص المؤذن وأنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص من أذانه) لا مدخلية له في الحكاية، وكأن الذي دعاه إلى ذلك ذكر الفاضل في القواعد ذلك في سياق الحكاية، كالمحكي عن غيره حتى المصنف فيغير الكتاب، والأولى ذكرها مسألة مستقلة كما فعله المصنف، وتسمع تمام الكلام فيها.
وكذا لا يختص بالحاكي ما ورد من الأدعية المأثورة عند سماع مطلق الأذان وخصوص أذان الصبح، وبين الأذان والإقامة بالمأثور وغيره ونحو ذلك من الأذكار المذكورة في مظانها، بل في منظومة الطباطبائي.
وصدق الداعي إذا تشهدا * والق بر حب من إلى العدل اهتدى قل مرحبا بالقائلين عدلا * وبالصلاة مرحبا وأهلا