من بعضهم من أنه ما اختص بوضع من الشارع لا ما يفعله المكلف من النافلة، أو يقال إن ذلك لا ينافي الكراهة المراد بها هنا أقلية الثواب في أحد الوجوه لا عدم الانعقاد، وإن احتمله في المحكي عن التذكرة ونهاية الإحكام إلا أنه في غاية الضعف، بل هو قول بالحرمة في المعنى، ضرورة إرادة التشريعية أو كالتشريعية منها.
قال في الذكرى: وعليه يبنى نذر الصلاة في هذه الأوقات، فعلى قولنا ينعقد، وعلى المنع جزم الفاضل بعدم انعقاده، لأنه مرجوح، ولقائل أن يقول بالصحة أيضا، لأنه لا يقصر عن نافلة لها سبب، وهو عنده جائز، ولأنه جوز ايقاع الصلاة المنذورة في مطلق هذه الأوقات، قلت: ويمكنه الفرق، هذا.
وقد يعتذر للمصنف من عدم استثنائه بأن تفصيل الكلام في الجمعة مؤخر في محله، أو بأن المستفاد من الصحيح الأول صلاة ركعتي الزوال خاصة، وهي من ذوات الأسباب، أقصاه أنها تقدمت على سببها، والبحث في غيرها كما ستعرف، ولعل الصحيح الثاني منزل على ذلك أيضا، نعم لو استثنى مطلق الصلاة في هذا الوقت منها كان على المصنف استثناؤه، وفيه أن إطلاق الاستثناء نصا وفتوى وأصالة الاتصال فيه يقتضي ذلك، إلا أن يدعى انسياقه إلى المعروف المعهود، وهو الركعتان، قال في المحكي عن التذكرة: إن عللنا ذلك بغلبة النعاس ومشقة المراقبة وعدم العلم بدخول الوقت جاز أن يتنفل بأكثر من ركعتين، وإلا اقتصرنا على المنقول، ولا يخفى عليك ما في التعليل المزبور كما اعترف به في جامع المقاصد، ثم قال: الذي يقتضيه النظر أن النص إن اقتضى حصر الجواز في ركعتين اقتصر عليهما، وإلا فلا، وقد عرفت أن الأولى الثاني، هذا. ولكن ظاهر الرياض أن المراد من الاستثناء في عبارة من استثنى نوافل يوم الجمعة مطلقا لا خصوص الركعتين منها، قال بعد أن ذكر الاستدلال على ذلك:
(لا خلاف أجده فيه إلا من إطلاق نحو العبارة، وليس نصا بل ولا ظاهرا في المخالفة،