عن ذلك ومالوا إلى القول الآخر مستندين إلى كثرة أخباره وصحتها عكس القول الآخر، ولم يعلموا أن ذلك في الحقيقة والنظر الصحيح شاهد عليهم لا لهم، لأن أمر التقية في المقام يقضي بورود أكثر من تلك النصوص، ضرورة كونه من الأمور الظاهرة التي تتكرر في كل يوم، ولا يسع التخفي فيها، فحفظوا أنفسهم وشيعتهم بذلك، فكثرة النصوص فيه دون الآخر أكبر شاهد على ما قلنا، وخصوصا وقد كان في الشيعة سابقا من لا يحافظ على التقية، ويفضح نفسه واخوانه وإمامه، ولقد تأذى الصادق (عليه السلام) منهم حتى ألجأوه إلى التقية في قوله وفعله، قال (عليه السلام) في خبر جارود (1): (يا جارود ينصحون فلا يقبلون، وإذا سمعوا بشئ نادوا به، أو حدثوا بشئ أذاعوه، قلت لهم: مسوا بالمغرب قليلا فتركوها حتى اشتبكت النجوم، فأنا الآن أصليها إذا سقط القرص) على أنهم (عليه السلام) لم يألوا جهدا هنا في اظهار الحق وبيان الواقع تصريحا وكناية.
ومن الغريب ما عن بعض الناس من دعوى قلة أخبار المشهور وضعفها حتى أنه تعجب ممن أمر بالاحتياط أو غيره لكثرة الأخبار الدالة على المشهور، إذ لا يخفى على من لاحظ الوافي والوسائل في المقام وفي الحج والصوم بلوغها إلى أول العقود أو أزيد، وفيها الصريح والصحيح أو الموثق وغيرهما، ففي موثق يونس بن يعقوب (2) كما في شرح المقدس البغدادي أو صحيحه كما في مفتاح الكرامة (قلت للصادق (عليه السلام):
متى الإفاضة من عرفات؟ قال: إذا ذهبت الحمرة من هاهنا، وأشار بيده إلى المشرق) وفي صحيح زرارة (3) (سئل الباقر (عليه السلام) عن وقت افطار الصائم فقال: