وهذا وإن خدش ما تقدم من الاستدلال أيضا بالمفهوم الدال على عدم العفو عنه، لكن قد عرفت أنا في غنية عنه بالتصريح به في المرسل والصحيح السابقين، والاطلاقات وغيرها.
واحتمال إرادة استحباب الغسل والإعادة من مقدار الدرهم في الصحيح والمرسل جمعا بين الأدلة ضعيف، لعدم المقتضي الشاهد، بل هما على خلافه متحققان، مع ما فيه من اقتضاء عدم استحباب الغسل في الأدون، بل استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، للقطع بقصد إرادة الدرهم مما زاد فيهما، ودعوى عموم المجاز لا شاهد لها، نعم قد يقال أن المراد بالدرهم فيهما ما زاد منه تسامحا، لغلبة عدم معرفة مقدار الدرهم إلا بالزيادة عليه، وإلا فليس المراد المساوي له حقيقة، فيبقى حينئذ ما دل على العفو عنه من غير معارض حتى الاطلاقات، لانقطاعها به.
ولا ينافيه الاقتصار في النص على العفو عما دون الدرهم، لما عرفت من ندرة معرفة مقدار الدرهم بل ولا الفتاوى لذلك أيضا، فلا ظهور فيها حينئذ بعدم العفو عنه حتى نسب إلى الشهرة من جهته تارة، وإلى الاجماع أخرى، وإلى تفرد سلار خاصة أو مع المرتضى ثالثة.
وقد يؤيده ملاحظة كلماتهم، فإنهم وإن اقتصروا في أولها على ما دون الدرهم، لكن في أثنائها يذكرون الدرهم، قال في الخلاف أولا: " فإن بلغ مقدار الدرهم وجب إزالة قليله وكثيره، وإن كان أقل من ذلك لم يجب ثم حكى عن بعض العامة القول بعدم العفو مطلقا، وعن آخر العفو عن المقدار المخصوص مطلقا من أي نجاسة وغير ذلك، إلى أن قال: دليلنا إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط، ولا يلزمنا مثل ذلك في مقدار الدرهم في الدم، لأنا أخرجنا ذلك بدليل، وأيضا فقد علمنا حصول