لتقدم الاثبات على النفي، إذ فيه أنه إنما يتقدم عليه إذا ترجح بأنها قد تشاهد ما لم تشاهده الأخرى، بخلاف النفي هنا، فإنه لا يضعف عن الاثبات، على أن شهادة كل منهما مركبة من الاثبات والنفي، فلا معنى لتصديقهما في جزء وتكذيبهما في آخر.
هذا كله مع عدم إمكان الجمع، أما مع إمكانه فلا ريب في العمل به، إذ لا معنى لاسقاط ما هو حجة شرعية من دون معارض، فما عن الشيخ من القول بالطهارة حتى مع إمكان الجمع في غير محله، إلا أن يكون بناه على عدم قبول البينة في ثبوت النجاسة، فيخرج حينئذ عما نحن فيه، إذ البحث هنا على تقدير القبول.
وكالبينة في القبول عندنا إخبار صاحب اليد المالك بنجاسة ما في يده وإن كان فاسقا كما في المنتهى والقواعد والموجز وكشف الالتباس وظاهر كشف اللثام، بل عن الذخيرة أنه المشهور بين المتأخرين، كما في الحدائق أن ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه، بل عن الأستاذ أنه " لا ينبغي الشك في قبول خبره بذلك وبالتطهير كالإباحة والحظر ونحوهما من الأحكام المشترط فيها العلم " إلى آخره. لأصالة صدق المسلم، خصوصا فيما كان في يده، وفيما لا يعلم إلا من قبله، وفيما لا معارض له فيه، وللسيرة المستمرة القاطعة، ولاستقراء موارد قبول إخبار ذي اليد بما هو أعظم من ذلك من الحل والحرمة وغيرهما، ولفحوى قبول قوله في التطهير، بل فعله بل وقوله في التنجيس بالنسبة إلى بدنه، فإن الظاهر معروفية تسليم القبول فيه، كما يومي إليه الاستدلال به في كشف اللثام على ما نحن فيه، فاحتمال أنه من أفراد إخبار ذي اليد بما في يده من الإناء ونحوه، فيجري فيه ما يجري فيه ضعيف.
قيل ولما يشعر به قول أبي الحسن (عليه السلام) في خبر إسماعيل بن عيسى (1)