ثبوته من دين الاسلام ضرورة، وعلى اعتقاد ما يحرم اعتقاده بالضرورة من دين محمد صلى الله عليه وآله سواء كان القول عنادا أو اعتقادا أو استهزاءا، إلا أنا قد بلينا في عصرنا هذا في بلدنا هذه بمن يعدى القطع واليقين بأن مراد الأصحاب ذلك الاحتمال بحيث لا يسمع كلاما من أحد ولا رشدا ممن أرشد، ولو أن ذلك كان منه بعد التأمل والنظر لكان حقيقا بأن يعذر، والله أعلم.
وكيف كان فلا كلام في نجاسة ما في المتن من الفرقتين كما في جامع المقاصد وعن الدلائل، بل عن الأخير والروض الاجماع عليهما، وهو كذلك.
أما الخوارج فكفرهم بانكارهم جملة من الضروريات كاستحلالهم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن معه من المسلمين، وحكمهم بتكفيرهم بمجرد التحكيم فيدل عليها جميع ما دل على نجاسة الكافرين من الاجماع وغيره، ومع ذا ففي المرسل (1) عن النبي صلى الله عليه وآله في وصفهم " إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرامي " كما عن الفضل " دخل على أبي جعفر (عليه السلام) رجل محصور عظيم البطن، فجلس معه على سريره، فحياه ورحب به، فلما قام قال: هذا من الخوارج كما هو، قال: قلت: مشرك، فقال: مشرك والله مشرك ".
وأما الغلاة وهم الذين تجاوزوا الحد في الأئمة (عليه السلام) حتى ادعوا فيهم الربوبية، قيل: وقد يطلق الغلو على من قال بإلهية أحد من الناس فظاهر المصنف بل صريحه كغيره من الأصحاب أن كفرهم بانكار الضروري أيضا، ولعله لعدم نفيهم أصل الإلهية والصانع، وإنما ادعوا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثلا هو الصانع فأنكروا ما علم بطلانه بالضرورة من الدين، وبالأدلة العقلية والبراهين مما يجب عنه تنزيه رب العالمين