وأما ما دل (1) على تطهير الأواني المدعى ظهوره في عدم إمكان الورود حتى احتيج إلى استثنائها من اشتراط الورود أو استفيد منه عدم الاعتبار مطلقا فقد يجاب عنه بما في جامع المقاصد من أن الحق أنه لا يراد بالورود أكثر من وروده ابتداء، وإلا لم يتحقق الورود في شئ مما يحتاج فصل الغسالة عنه إلى معونة شئ آخر، أو بما في المعالم بأن من أمعن النظر في دليل انفعال القليل بالملاقاة رأي أنه مختص بما إذا وردت النجاسة على الماء، فيجب حينئذ أن يكون المعتبر هنا هو عدم ورود النجاسة على الماء لا ورود الماء على النجاسة، والفرق واضح، قال: " فلم يحتج حينئذ إلى استثناء نحو الأواني ولا لتكلف حمل الورود على ما يقع أولا " انتهى.
قلت: وكان مراده عدم صدق ورود المتنجس على الماء في أثناء غسل الأواني ونحوها وإن كان لا يصدق أيضا ورود الماء عليه أيضا، لكن الثابت من الأدلة نجاسة الأول خاصة دون غيرها، فتبقى حينئذ على العفو عنها في حال التطهير كحالة الورود، ولهذه الدقيقة صدرنا عنوان المسألة بما عرفت، فتأمل.
وعلى كل حال فقد عرفت وجوب العصر في الثياب ونحوها مما يعصر من سائر النجاسات عند المصنف وغيره ممن تقدم، لكنه استثنى من ذلك تبعا للمشهور بين الأصحاب المتنجس منها ببول الصبي، فقال: * (إلا من بول الرضيع، فإنه يكفي صب الماء عليه) * من غير حاجة إلى عصر، بل لا أجد فيه مخالفا كما اعترف به في المدارك والمعالم والذخيرة والحدائق والمفاتيح، بل في الأخير نفي الخلاف نفسه لا وجدانه، كما أن في الأول نسبته إلى مذهب الأصحاب، بل في الثاني إلى اتفاق كلمة الأصحاب الذين وصل كلامهم إلينا، بل في الخلاف وعن الناصريات الاجماع عليه، وهو الحجة