بعض الناس الخلاف فيه، والدم المستحيل قيحا أو جزء لما لا نفس له، والماء النجس بولا لحيوان مأكول اللحم، بل أو عرقا أو لعابا أو جزءا من الخضراوات والحبوب والأشجار والثمار، والغذاء النجس لبنا أو روثا لمأكول اللحم أو جزءا له أو لطاهر العين، وغير ذلك، بل وباستقراء سائر الأحكام الشرعية غير الطهارة المعلقة على موضوعات فاستحالت أو استحيل إليها، عبادة كان ذلك الحكم أو معاملة، بل وبالمعروف في ألسنة الفقهاء في سائر الأبواب من قاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الاسم المقطوع باندراج ما نحن فيه فيها.
بل قد يدعى ظهورها في الأعم من تغير الحقيقة ومن تغير الصورة التي يذهب بذهابها مسمى الاسم دون حقيقته، وإن استبعده بل منعه بعض علمائنا، ضرورة تخلفه في كثير من الموارد، واقتضائه بطلان الاستصحاب المعلوم عدم اشتراط حجيته ببقاء اسم المستصحب، لاطلاق أدلته.
لكن قد يمنع ذلك عليه، ويدعى ظهور تعلق الأحكام بمسميات الأسماء دون حقائها، لأنه معنى اللفظ دونها، فالأصل حينئذ يقتضي انتفاء الحكم بانتفائه، إلا أن يعلم تعليقه على طبعة مسمى الاسم دون حقيقته (1) التي يقارنها التسمية بذلك الاسم الخاص في بعض الأحوال، فيدور حينئذ مدارها، كما في النجاسات وأشباهها مما علم دوران الحكم فيه على الحقيقة والطبيعة دون الاسم، فتخلفه لذلك، كما أن اقتضاءه بطلان الاستصحاب في مثل الفرض ليس من المنكرات.
ودعوى ظهور أدلته في شمول مثل ذلك ممنوعة، بل لعل ما شاع في لسانهم من عدم جريان الاستصحاب مع تغير الموضوع شاهد له، وتنزيله على تغير الحقائق واستحالتها يمكن منعه، وقد تقدم لنا بعض الكلام في ذلك في بحث العصير من النجاسات، فلاحظ.