تنجس البواطن لو لم نقل بالاجماع على العدم، مضافا إلى الأصول والعمومات، قلت:
وهي والحيوان مشتركان في سبب ذلك، ضرورة أنه إن كان عين النجاسة موجودا فالمنجس حينئذ للملاقي هو لا ما كان عليه من البواطن وبدن الحيوان، وإلا كان طاهرا، فلم يظهر أثر للحكم حينئذ بتنجيسهما بالملاقاة، فابقاؤهما على الطهارة وعدم تأثير عين النجاسة فيهما أولى من الحكم بنجاستهما وطهارتهما بالزوال، وقد تقدم في الأسئار تمام الكلام، كما أنه تقدم هناك تمامه أيضا في أصل الاكتفاء في الحيوان بزوال عين النجاسة، وأنه هو المدار لا غيبة الحيوان غيبة يحتمل معها مصادفة المطهر وإن كان ظاهر الفاضل في نهايته ذلك.
نعم هو كذلك بالنسبة للانسان، فيحكم بطهارة بدن المسلم منه المكلف مع الغيبة عنه وعلمه بالنجاسة وتلبسه بما يشترط فيه الطهارة بلا خلاف معتد به أجده فيه، بل حكى الاجماع عليه بعض شراح منظومة الطباطبائي، بل لعله كذلك نظرا إلى السيرة القاطعة المعتضدة باطلاق ما دل (1) على طهارة سؤر المسلم، وإن كان هو غيره مساق لذلك، وبتعارف عدم السؤال عن إزالة النجاسات مع القطع بعروضها، بل قد يعد السؤال من المنكرات كالانكار على مخالفة الضروريات المرجحة للعمل بظاهر حال المسلم من عدم عصيانه وسهوه ونسيانه على الأصل.
مع أنه ناقش بعض الأساطين في أصل جريانه هنا من حيث ظهور أدلته فيما يتعلق بالمكلف نفسه لا غيره، والأمر بالغسل للمكلف أعم من وجوب احتراز الغير له حتى يعلم بالغسل، كآخر بأنه معارض بالأصل في الملاقي أيضا، وإن كان هما كما ترى مع أنهما لم يثبتا الطهارة نفسها، كاستدلال بعضهم بأنه لم يثبت تنجيس المتنجس هنا وإن قلنا به في غير المقام.