بل الظاهر أنه المشهور كما في الحدائق، بل لا أعرف فيه خلافا من غير المنتهى، وإن حكي عن المبسوط التصريح بعدم طهارة الخمر، وإن حمله على البول قياس، لكنه بقرينة ما حكي عنه من التصريح بالتعميم السابق محتمل لكونه مما يبقى جرمه عنده، فلا يكون خلافا في الحكم، كما أن ما حكي عن المقنعة والنهاية والمراسم والاصباح وغيرها من الاقتصار على البول كذلك، لاحتمال المثالية كصحيح زرارة، فما في المنتهى حينئذ من التخصيص بالبول ضعيف جدا إن لم يكن تأويل كلامه إلى المختار.
نعم لا طهارة مع بقاء الجرم كالدم، كما صرح به في الذكرى والروض والمدارك وغيرها، بل في الحدائق لا خلاف فيه على الظاهر، بل في المدارك واللوامع الاجماع على اعتبار زوال الجرم في الطهارة، وإليه يرجع ما عن ابن الجنيد من التصريح بعدم طهارة المجزرة والكنيف، للأصل وظهور الأدلة في غيره، بل اعتبار الاشراق في خبر الحضرمي كالصريح في خلافه، ضرورة عدم تحققه في الفرض، لحيلولة جرم النجاسة الذي لا يطهر بجفاف الشمس قطعا بل ضرورة.
فلا تثمر يبوسة ما تحته بحرارة الشمس، كما لا تثمر مع غيره من الحواجب ذوات الظل حتى السحاب، بل في كشف الأستاذ إلحاق احتراق القرص بذلك، لعدم صدق الاشراق حينئذ، واحتمال اعتبار التجفيف دونه مناف لقواعد الاطلاق والتقييد، ولذا لم يظهر خلاف بين الأصحاب في عدم حصول الطهارة لشيئين متنجسين منفصلين أحدهما غير الآخر، كحصيرين أو حجرين إذا جمعا، بل يختص التطهير بالعالي الذي أشرقت عليه الشمس دون الأسفل وإن كان جفافه بحرارة الشمس.
بل قد توهم عبارة المنتهى اختصاص التطهير بالظاهر الذي أشرقت عليه الشمس بالنسبة للشئ الواحد كالأرض دون ما جف من الباطن، وإن كان في غاية الضعف، للفرق الواضح بينهما بصدق الاشراق على الثاني وإن اختص بالظاهر دون الأول.