في سائر الموارد، وما ذاك إلا لتنزيل إطلاقها على الواقع حتى يظهر الخلاف، إما لأن عدالة الشاهد تمنع من الاطلاق مع إرادة السبب المختلف فيه أو لغير ذلك.
نعم لا فرق في ثبوت النجاسة بالبينة بين حصول الظن فيها وعدمه، كما في كل مقام تقبل فيه، لكونها من الأمور التعبدية قطعا.
نعم قد يتجه ذلك في خبر العدل بناء على دوران حجيته على الظن.
ومنه ينقدح إمكان إلحاق خبر غير العدل المتبين خبره به ولو بتبين حال الراوي من كونه محترزا عن الكذب ونحوه مما اعتبرت حجيته في الأحكام الشرعية، لكنه لا يخلو من بحث.
فظهر لك من ذلك كله تمام البحث في أطراف المسألة وإن أطنب المحدث البحراني في حدائقه فيها زاعما ابتنائها على تحقيق لم يسبقه إليه غيره عدا السيد نعمة الله الجزائري في رسالة التحفة، وهو أن مدار الطهارة والنجاسة والحل والحرمة على علم المكلف بأسبابها وعدمه حقيقة أو شرعا لا الواقع، فلا معنى للمتنجس مثلا سوى ذلك لا ملاقاة أعيان النجاسة واقعا وإن لم يعلم المكلف، فليس هناك نجس واقعا ونجس ظاهرا، بل إنما هو أمر واحد، وهو ما علم المكلف بملاقاته للنجاسة أو جعله الشارع كالعالم.
وفيه مع مخالفته للنصوص والفتاوى بل المجمع عليه بين الأصحاب إن لم يكن ضروريا من عدم مدخلية العلم في تحقق معنى النجاسة، لاطلاق الأدلة في حصول النجاسة بملاقاة أسبابها، وأن الشئ قد يكون نجسا واقعا طاهرا ظاهرا وبالعكس، ولذا قد ترتب عليه بعض أحكام كل منهما من الإعادة وغيرها بعد انكشاف الواقع وظهوره أنه لا مدخلية لذلك في شئ من أحكام المسألة حيث لو قلنا بثبوت النجاسة بالظن، إذ يمكن انطباقه على التحقيق المذكور بدعوى كونه أيضا من الأسباب التعبدية كالشهادة وإخبار ذي اليد ونحوهما.