فرق بين الرطب منه والتمر، وإن حكي عن غاية المرام الفرق، فجعل الأول خاصة كالعنب، لكن لم نعرف له مأخذا سوى ما سمعته من التعليل لحل عصير الزبيب بأنه قد ذهب ثلثاه بالشمس، وهو كما ترى.
خلافا لظاهر الشيخ في التهذيب ومحتمل السرائر أو ظاهرها وعن صريح الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني والسيد نعمة الله ومولانا أبي الحسن والأستاذ الأكبر وغيرهم، فاعتبروا في حل التمري ذهاب الثلثين كالعنب، مستظهرا له الأخير من الصدوق والكليني أيضا، بل ومن غيرهم، بل قد تعطي بعض كلماته دعوى الاتفاق عليه قبل زمن الفاضلين، لكنه ليس كذلك على الظاهر، ولعله أخذه من نصهم على حرمة النبيذ، وقد عرفت أنه ليس مما نحن فيه، أو إطلاق بعضهم حرمة العصير، وقد عرفت أن الظاهر منه العنبي، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لا تمام الكلام، وإنهاء المرام في غير المقام، وإن كان قد وفق هنا لذكر المهم من النقض والابرام على غير أهبة له واستعداد عدا التوكل على رب العباد.
ومنه ظهر ضعف القول بنجاسته حينئذ، كضعفه بالنسبة للزبيبي أيضا، للأصل والعمومات وترك الإشارة في شئ من الأدلة إليه، سيما مع عموم البلوى به وكثرة استعماله، بل قد يومي التأمل في ترك ذلك في بعضها، كالمشتمل منها على كيفية عمله إلى عدمه.
ودفع ذلك كله بكونه عنبا جففته الشمس فينجس عصيره حينئذ بناء عليه، وباستصحاب حكمه حال عنبيته وإن تغير الاسم بعد بقاء الحقيقة، إذ لا تقييد فيما دل على حجيته بعدم تغيره، بل يشهد لعدمه حكم الحنطة والقطن والطين بعد صيرورتها دقيقا وعجينا وخبزا وغزلا وثوبا ولبنا بل وخزفا وآجرا، ولا ينافيه معروفية تبعية الأحكام للأسماء، إذ المراد انتفاء الحكم من جهة الاسم بانتفاء الاسم في مقابلة بطلان القول بالقياس، أي التعدي عن المسمى الجامع، أو القول بثبوت حكم حالة سابقة من