على أن صيرورة درهم المعاملة ستة دوانيق في زمن عبد الملك على أحد النقلين لا يقضي بذهاب تمام أفراد البغلية عن الوجود في نحو زمن الصادق (عليه السلام) فضلا عن إطلاق الاسم عليها، خصوصا مع قرب الزمانين، إذ وفاة عبد الملك كما عن المسعودي وغيره من المؤرخين سنة ست وثمانين، ومولد الصادق (عليه السلام) ثلاث وثمانين، مضافا إلى ورود بعض الأدلة عن الباقر (عليه السلام)، بل حكي عن العامة روايته عن النبي صلى الله عليه وآله، بل في اللوامع كما عن البهائي إيجاب حمل كلامهم على المتعارف في زمن النبي صلى الله عليه وآله وإن لم يكن كذلك في زمانهم، لأن أحكامهم متلقاة منه، وقد استفاضت الروايات المعتبرة (1) بأنها مثبتة عندهم في صحيفة باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي (عليه السلام).
وإن كان يمكن خدش هذا الأخير بأنه لا تلازم بين ذلك وبين حمل ما به البيان على متعارف زمن النبي صلى الله عليه وآله دون الإمام المبين الحاكي بالمعنى، كما في كل ناقل، ومن هنا لم يتوقف أحد في سائر أبواب الفقه في حمل ألفاظ الصادقين (عليهم السلام) على عرف زمانهم وإن لم يكن عرف النبي صلى الله عليه وآله كذلك، كما لا يمنع حدوث اسم لمعنى قديم حمل اللفظ على ذلك المعنى القديم.
فما في السرائر مما يوهم خلاف ذلك ليس في محله، قال فيها: البغلي نسبته إلى مدينة قديمة يقال لها بغل، قريبة من بابل، بينهما قريب من فرسخ، متصلة ببلد الجامعين، تجد فيها الحفرة والنباشون دراهم واسعة، شاهدت درهما من تلك الدراهم، وهذا الدرهم أوسع من الدينار والمضروب بمدينة السلام المعتاد، يقرب سعته من سعة أخمص الراحة، وقال بعض من عاصرته ممن له علم بأخبار الناس والأنساب: إن المدينة والدرهم منسوبة إلى ابن أبي البغل، رجل من كبار أهل الكوفة اتخذ هذا الموضع قديما