في بادئ النظر من كونه خلافه خطأ قطعا، مع أن التأمل فيها يدفعه، فلاحظ.
ويؤكد ذلك ما في الذكرى " البغلي باسكان الغين منسوب إلى رأس البغل ضربه للثاني في ولايته بسكة كسروية، وزنته ثمانية دوانيق، والبغلية تسمى قبل الاسلام الكسروية، فحدث لها هذا الاسم في الاسلام، والوزن بحاله، وجرت في المعاملة مع الطبرية، وهي أربعة دوانيق، فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما واتخذ درهما منهما، واستقر أمر الاسلام على ستة دوانيق، وهذه التسمية ذكرها ابن دريد " انتهى.
وما في مجمع البحرين عن بعضهم " أنه كانت الدراهم في الجاهلية مختلفة، فكان بعضها خفافا، وهي الطبرية، وبعضها ثقالا كل درهم ثمانية دوانيق، وكانت تسمى العبدية، وقيل البغلية نسبت إلى ملك يقال له رأس البغل، فجمع الخفيف والثقيل وجعلا درهمين متساويين، فجاء كل درهم ستة دوانيق، ويقال: إن عمر هو الذي فعل ذلك، لأنه لما أراد جباية الخراج طلب الوزن الثقيل، فصعب على الرعية فجمع بين الوزنين، واستخرجوا هذا الوزن " انتهى.
وهما كما ترى واضحا الانطباق على ما ذكره الأصحاب من أنه درهم وثلث، إذ الدرهم الذي استقر عليه أمر الاسلام ستة، وهو مع ثلثه ثمانية، فظهر إمكان دعوى تحصيل الاجماع فضلا عن منقوله المعتضد بالرضوي وخبر الدينار المتقدم سابقا على إرادة الوافي المسمى بالبغلي لا غيره.
فما في المدارك من أن الواجب حمل الدرهم في النص على ما كان متعارفا في زمانهم (عليهم السلام)، لخلو الأخبار عن التقييد، إلى أن قال بعد أن حكى ما تقدم من الذكرى: ومقتضاه أن الدرهم كان يطلق على البغلي وغيره، وأن البغلي ترك في زمن عبد الملك، وهو مقدم على زمن الصادق (عليه السلام) قطعا، فيشكل حمل النصوص عليه، والمسألة قوية الاشكال - واضح المنع بعد ما سمعت.