فظهر لك من ذلك كله بحمد الله صحة اقتصار المصنف وغيره على استثناء الثلاثة خاصة، لكن قد يوهم تقييده بالمسفوح عدم العفو في قليل غيره أو عدم نجاسته، وقد عرفت عند البحث على نجاسة الدم ما يرفع الثاني، كما أنه قد عرفت هنا ما يرفع الأول، وكذا كلام ابن زهرة يوهم اختصاص العفو عن المقدار المذكور بدم القروح والجروح مع سهولة الإزالة، لكن يجوز إرادته ما عدا الثلاثة منهما.
ولا يلحق بالدم غيره من النجاسات وما تنجس بها، للأصل السالم عن المعارض، فيجب إزالة قليلها وكثيرها، أما ما تنجس به من المائع ففي المنتهى والبيان والحدائق وجوب إزالته وإن قل، للأصل أيضا مع عدم لزوم ثبوت ما في الأصل في الفرع، ولأن الاعتبار بالمشقة المستندة إلى كثرة الوقوع المنتفية فيما نحن فيه، وربما مال إليه في الذخيرة بعد التأمل في المسألة والتردد.
لكن قد يقوي إلحاقه به كما عن النهاية احتماله، بل عن المعالم اختياره، فيعفى عما دون الدرهم منه، للأولوية المستفادة من عدم زيادة الفرع على الأصل، ولأن معنى نجاسة المتنجس بالملاقاة انتقال أحكام النجس إليه لا غيرها، ولمناسبة التخفيف المقتضي لمشروعية الأصل، وللشك في تناول أدلة الإزالة لمثله، مع عدم مانعية ما شك في مانعيته.
ولا فرق في ذلك بين المتنجس بالدم قبل إصابة الثوب مثلا وبعده، ولا بين المتنجس بمقدار المعفو عنه من الدم والزائد، وإن نص في جامع المقاصد والروض والمدارك واللوامع على العفو عما تنجس بالمعفو عنه من الدم خاصة، لكن مرادهم المثال قطعا، كما يومي إليه تعليلهم، ولا بين تعدي ما أصاب من الرطوبة عن محل الدم وعدمه، وإن خص في الموجز بالثاني.
نعم لو زاد المتنجس به ولو عرفا عن الدرهم أو هو مع المتصل به من الدم اتجه المنع حينئذ، للأصل من غير معارض، وإن أطلق قوة العفو في الذكرى، فقال: