رطبة وأريد تطهيرها، بل لعله في غالب الأوقات يقطع بعدم انفصالها تماما من المغسول، إذ قد ينفصل منه ما هو أقل من تلك الرطوبة بمراتب، فلا يقدح تخلفها بعد إفاضة الماء عليها واستهلاكها به ولو كان الماء قليلا، بل هو كذلك في عين النجاسة كالبول ونحوه فضلا عن المتنجس، فإنه لو فرض جسم قد تنجس ببول وأريد تطهيره حال رطوبته فأفيض الماء عليه حتى استهلكت الأجزاء البولية فيه لم يكن تأمل في حصول طهارته بذلك.
وثالثا لم سلم الفرق المذكور لا وجه للفرق أيضا بين القليل والكثير، إذ كما تحصل طهارة تلك الأجزاء الصبغية بملاقاة الكثير من غير استحالة تبعا للجسم تحصل أيضا بالغسل بالقليل، ودعوى الفرق تحكم، إذ أقصى ما يسلم اعتبار الكثير في طهارة المضاف فيما أريد تطهيره مستقلا بانقلابه ماء، لا ما إذا كان من التوابع متخللا في أجزاء الجسم.
ولعلك بالتأمل في جميع ما ذكرنا تنتفع في البحث عن تطهير جملة مما ذكره الأصحاب من الصابون والحبوبات والفواكه المطبوخة والخبز والجبن واللحم والقرطاس ونحوها مما يرسب فيه الرطوبة ولا يعصر، وحاصل البحث فيها أنها إما أن تكون قد تنجست بنجاسة لم تنفذ في أعماقها ولم تتجاوز ظاهرها، وإما أن تكون قد تنقعت بالنجاسة حتى نفذت في أعماقها، ولا ريب في حصول طهارة الأولى بغسلها في الكثير ووضعها فيه، وكأنه وفاقي، بل حكاه في اللوامع عليه، كما أنه في الذخيرة استظهر نفي الخلاف عنه، لعموم مطهرية الماء وغيره السالم عن معارضة شئ يعتد به، فاحتمال تعبدية العصر أو ما يقوم مقامه حتى يكون ما لا يمكن عصره غير قابل للتطهير أصلا لا يصغى عليه.
وأما غسلها بالقليل فصريح جماعة من المتأخرين كظاهر آخرين عدم حصول الطهارة به، بل في اللوامع نسبته لأكثر معتبري العصر، كما في المعالم إلى المعروف بين متأخري الأصحاب، لنجاسة الغسالة، وتوقف صدق مسمى الغسل بالقليل على العصر