اعتبر بقاء الماء على إطلاقه من القائلين بالمزج، بل صريح بعضهم كما عرفت اشتراط عدم خروج التراب عن اسمه بالمزج، بل والثاني أيضا عند التأمل، إذ لا وجه لاعتبار كونه ماء مطلق سوى إطلاق قوله (عليه السلام): " اغسله بالتراب " والغسل معناه إما إجراء الماء أو أنه أظهر أفراده الذي ينصرف إليها، وفيه أن هذا لو لم يذكر متعلقه، أما إذا ذكر أنه التراب فلا، كما هو واضح، فاستفادة اشتراط مزج الماء حينئذ من إطلاق الغسل وإن كان قد ذكر متعلقه لأنه أقرب مجاز لا ينبغي أن يصغي إليه، إذ هو لا يرجع إلى محصل.
نعم يتجه وجوب الاقتصار على التراب، فلا يجوز الأشنان ونحوه كما هو ظاهر النص والفتوى، عدا ما حكاه بعضهم عن ابن الجنيد من الاجتزاء بالتراب وما يقوم مقامه، لكن مع أنه حكى عنه المصنف وغيره ذلك حال عدم التمكن من التراب هو ضعيف جدا، وإن حكي عن موجز أبي العباس موافقته، بل لعله مبني على ما نسب إليه من القول بالقياس.
بل المتجه عدم الاجتزاء بغيره مع الضرورة وعدم التمكن منه أيضا، وفاقا للمنتهى وجامع المقاصد وكشف اللثام والمدارك والذخيرة وغيرها، للأصل ومساواته حال التمكن في علة المنع، وعدم إمكان التنقيح بعد طهورية التراب دون غيره، على أنه لو جاز هنا لجاز حال عدم الاضطرار، لعدم دليل يخصه، وخلافا للقواعد والذكرى والبيان وعن المبسوط فيجزئ حينئذ، لحصول الغرض من إرادة قلع النجاسة والأجزاء اللعابية، بل ربما كان بعضه أبلغ من التراب، إذ هو كما ترى، بل مقتضاه جوازه اختيارا، وهو معلوم البطلان.
فالأقوى بقاؤه على النجاسة حتى يتمكن من التراب، كما إذا تعذر ما يقوم مقام التراب أيضا، وفاقا لظاهر أو صريح أكثر من قدمنا أو جميعهم، لعين ما مر،