عنها ولا ينقض اليقين إلا بيقين مثله، لا يقال: أنه يكون من قبيل من تيقن الطهارة والحدث ولم يعلم السابق منهما، فإنه يجب عليه الاغتسال حينئذ، وقد ذكروا ذلك في محله، فأي فائدة لهم في ذكره هنا، لأنا نقول: أنه فرق واضح بين ما نحن فيه وبين تلك المسألة لأنه في المقام لا يعلم حدوث جنابة غير الأولى، فكان الأصل عدمها كما هو كذلك في كل ما شك في تعدده واتحاده، بخلاف تلك، فإنه من المعلوم وقوع الحدث والطهارة، لكنه جهل صفة السبق واللحوق. وهنا لم يعلم أصل الوجود فضلا عن السبق واللحوق، فحينئذ يكون كلام الأصحاب لبيان مسألة مخالفة للقواعد لمكان الروايات ولا ينافيه ذكر العلم في كلام جملة منهم، إذ هو أعم من إيجاب الغسل، وكان هذا الوجه ليس ببعيد بل هو أقرب من سابقه، إلا أن الأقوى في النظر الوجه الأول، فلا يجب الاغتسال إلا بالعلم بكونه منه وأنه من جنابة جديدة لم يغتسل منها وإن لم يعرف وقتها، وعليه تنزل الروايات، ويحمل خبر أبي بصير المتقدم الذي ظاهره عدم وجوب الاغتسال على صورة عدم العلم بكونه من جنابة سابقة أو لاحقة وإن علم بكونه منه، فإن رؤيته له بثوبه لا يقضي بأزيد من ذلك.
(الرابع) احتمال كون المدار على مجرد احتمال كونه منه تعبدا محضا، ويكون الفرق بين هذا والوجه الثاني اعتبار المظنة في المتقدم دونه، وإذ قد عرفت ضعفه فهذا بالطريق الأولى، فكان أصح الوجوه الأول، وحينئذ لا فرق بين كون الثوب مختصا أو مشتركا تعاقبا أو دفعة، واحتمال كون التعرض لذلك كما هو قضية عبارة المصنف وغيره من حيث كونه يفيد العلم أو لا يفيده فيه أنه ليس من وظائف الفقيه، إذ هو مختلف باختلاف الأشخاص والأزمان، نعم يتجه البحث عن ذلك بناء على خروج المسألة عن القواعد سيما على الوجه الثاني والرابع، فنقول: إنك قد عرفت أن الموجود من الروايات (ثوبه)، ومن المعلوم أن المتبادر كون الثوب ثوبه حال الوجدان فلا عبرة