الاحتلام وجب عليه الغسل، فإن قام من موضعه ثم رأى بعد ذلك فإن كان ذلك الثوب أو الفراش مما يستعمله غيره لم يجب عليه غسل، وإن كان مما لا يستعمله غيره وجب عليه الغسل " انتهى. وظاهره اعتبار التفصيل بالاشتراك والاختصاص بعد القيام من موضعه، ومن هنا اعترض عليه ابن إدريس وتبعه عليه جملة ممن تأخر عنه بأنه لا مدخلية للقيام في ذلك وفي المختلف " التحقيق أنه لا تنافي لأن قصد الشيخ وجوب الغسل مع انتفاء الشركة وعدمه مع ثبوتها، وإنما اعتبر هذا التفصيل مع القيام لأنه الغالب ولم يعتبره مع عدم القيام لندوره " انتهى.
قلت وكيف كان فالأمر سهل، إذ على تقدير إرادته ذلك فمرحبا بالوفاق، وإلا كان محجوجا بما تسمع أن شاء الله. نعم ظاهر عبارته اختصاص الحكم في صورة الانتباه من النوم، كما هو ظاهر المصنف في النافع وصريح الفاضل في الرياض وقضية إطلاق كثير من الأصحاب خلافه، وفي المنتهى والتحرير ذكر مسألتين، الأولى لو استيقظ الرائي فوجد المني وجب الغسل، قال: لأنه منه، ولا اعتبار بالعلم بالخروج في وقته، ثم استدل عليه في الأول برواية عامية (1) وموثقة سماعة الآتية، ثم قال: إن سماعة فيه قول إلا أن روايته متقبلة عند الأصحاب، والنظر يؤيدها.
الثانية لو رأى منيا في ثوبه قال: فإن اختص به وجب عليه الغسل، ثم استدل برواية عامية (2) غير الأولى ورواية سماعة أيضا، وعلله بأنه لا يحتمل أن يكون من غيره، وفي التذكرة قال: " ولو رأى المني على جسده أو ثوبه وجب الغسل إجماعا لأنه منه وإن لم يذكر الاحتلام، إلى أن قال: ولو رأى في ثوبه المختص منيا وجب عليه الغسل وإن كان قد نزعه ما لم يشك أنه مني آدمي " انتهى. فلعل مقصوده في الكتب الثلاثة