الأمرين يعد ممتثلا لأحدهما، وهذا مما لا يرتاب فيه أصلا.
وعلى الثاني: بظهوره في نية التقرب ونحوه. سلمنا ولكن إذا قصد الفعل يكون ذلك له وهو كاف، إذ (1) لم يجب عليه غيره.
وعلى الثالث: أنه لا يخلو إما لا تكون بين الفعلين جهة مغايرة أصلا أو تكون، فإن لم تكن - كمثال المسح المذكور - نختار شقا غير الشقوق المتقدمة ونقول: إن الفعل الواقع موافق لكل واحد منهما منفردا، كما إذا قال من عنده ذراع من خشب وذراع آخر منه لعبده: ايتني بمساو لهذا وبمساو لذلك من النحاس، فأتى بذراع من نحاس، فهو مطابق لكل منهما منفردا دون المجموع، وتلزمه البراءة من أحدهما لا بعينه، ولا ضير فيه أصلا، فلو قال للمكلف: صم يوما من رجب، ثم قال: صم يوما منه أيضا، وعلم أن المطلوب يومان، فلو صام يوما واحدا بقصد طاعته امتثل أحد الأمرين، وانطبق الفعل على كل واحد منهما منفردا، لتساويهما من جميع الوجوه الداخلة في ذات المأمور به. وتقدم أحدهما على الآخر غير مؤثر في تغاير المأمور به.
وإن كانت بينهما جهة تغاير يتوقف تحققها على قصدها، فإن كانت من الحيثيات التقييدية للمأمور به، أي يكون قيدا له وجزءا منه كما مر في المسألة السابقة، فلا شك في اشتراط قصده، ولكن لا لأجل توقف حصول التميز عليه، بل لعدم تحقق تمام المأمور به بدونه كما مر، ولا يختص ذلك بصورة الاشتراك والتعدد، بل يعتبر مع الوحدة أيضا ضرورة كما سبق.
وإن لم تكن من الحيثيات التقييدية له، فنختار الموافقة لكل منفردا، وتلزمه البراءة من أحدهما لا بعينه أيضا، سواء كانت جهة المغايرة من أسباب الأمر بأن يكون سبب أحد الأمرين هذا وسبب الآخر ذاك، أو من غاياته بأن تكون غاية أحدهما شيئا وغاية الآخر آخر، أو من كيفيات الأمر دون المأمور به كأن يكون أحد