كون الوضوء والغسل عبادة، وقد عرفت أن العبادة متوقفة على النية.
وأيضا: ما ورد في الطهارة عن الحدث كله أوامر يطلبها من المكلف، فلا يتحقق إلا بعمل منه ولا عمل إلا بنية، ويجب امتثالها ولا امتثال إلا بقصد، وليس هناك دليل شرعي دال على حصول الطهارة الحدثية من غير استناد إلى فعل المكلف.
بخلاف الطهارة عن الخبث فإنه وإن ورد فيها الأمر بالغسل وأمثاله، ولكن الأدلة متوافرة على حصولها من غير ذلك أيضا، كقولهم عليهم السلام. " كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر " (1).
وصحيحة هشام: عن السطح يبال عليه فيصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب، قال: " لا بأس به ما أصابه من الماء أكثر منه " (2).
والمستفيضة الواردة في (أن الأرض يطهر بعضها بعضا " 3). وفي أن من وطئ العذرة ومشى في الأرض تطهر رجله (4) وإن لم يشعر بالقذارة والطهارة و: " إن كل ما أشرقت الشمس عليه فقد طهر " (5) إلى غير ذلك.
وبعد وجود مثل تلك الأدلة في الطهارة من الخبث - مضافة إلى عدم القول بالفصل - وعدمها في الحدث لا وجه للاستشكال..
فإن قيل: قد ورد الأمر بغسل الثوب وأمثاله، وقد ذكرت عدم حصول الامتثال إلا بالنية، ولازمه ترتب العقاب على عدم الغسل وإن طهر بغيره.
قلنا: الأمر بالغسل أمر مقيد مشروط ببقاء النجاسة، فبعد زوالها بأمر آخر يسقط الوجوب فلا ثواب ولا عقاب.