الأمرين على سبيل الوجوب والآخر على الندب، أو من آثار المأمور به وتوابعه، كأن يكون لأحدهما أثر غير ما للآخر، بشرط أن لا يكون شئ من تلك الجهات قيدا (للمأمور به) (1) فإن ذاتي المأمور بهما تكون مساوية حينئذ غير مغايرة، فلا وجه لعدم موافقة المأتي لشئ منهما.
فإذا قال: صم يوما، ثم قال: صم يوما أيضا؟ فليس المأمور به سوى الصوم، وإن كان سبب أحد الأمرين شيئا وسبب الآخر آخر، أو كان أحد الطلبين حتميا والآخر ندبا، فلو صام يوما فلم لا ينطبق على أحدهما؟ مع أنه لا ينقص من المأمور به شئ.
نعم، لا ينطبق عليهما معا! لعدم انطباق الواحد على الاثنين، ولعدم حصول التكرر الذي هو أيضا مأمور به.
فإن قلت: إذا كانت المغايرة حينئذ باعتبار الآثار والتوابع، فأي أثر يترتب على الفعل الواحد الذي أتى به؟ كما إذا كان أحدهما وجوبيا والآخر ندبيا، فأتى بواحد من غير تميز بين الوجوب والندب، فكيف يمكن القول بالبراءة من أحدهما لا بعينه؟ مع أن أحدهما أقل ثوابا، وتركه مستلزم للعقاب دون الآخر، فإن أثبت له العقاب والثواب الأقل فقد أطبقته على الوجوب، وإن قلت: إنه غير معاقب وله الثواب الأكثر، فقد أطبقته على الندب، وكلاهما ترجيح بلا مرجح، وإن أطبقته عليهما فقد أطبقت الواحد على الاثنين وإن لم تطبقه على شئ منهما اعترفت بالبطلان، فما فائدة الانطباق على كل منفردا؟
وكذا لو نذر من عليه غسل واجب - كالجنابة - أن يرتمس في الماء زائدا على الغسل فارتمس مرة، فإن قلت: إنه برئ من النذر، أو طهر من الجنابة، ارتكبت الترجيح بلا مرجح، وإن قلت: حصل الأمران، أطبقت الواحد على الاثنين،