ويظهر وجه الجميع مما ذكر في استحباب الوضوء لها.
البحث الرابع: في واجباته وهي أمور:
الأول: النية مقارنة لأول أفعاله الواجبة، أو المستحبة، أو مقدماته، مستدامة حكما إلى الفراغ، على ما تقدم تحقيقها، وما يتعلق بها في الوضوء.
وهل يجب في غسل الجنابة قصد كونه للجنابة، أم يكفي قصد الغسل وإن لم يلتفت إلى أنه غسل جنابة الأظهر: الثاني، للأصل، وعدم دليل على وجوب ذلك القصد.
وتعدد الأغسال المستقرة في الذمة وجوبا أو استحبابا وعدم التميز إلا بالقصد لا يفيد؟ لما مر في بحث الوضوء من عدم وجوب قصد المميز إلا مع اشتمال المأمور به على جزء لا يتحقق إلا بالقصد، فيجب قصده حينئذ.
فإن قلت: قد صرحت الأخبار بأن غسل الجنابة واجب، ووردت الأوامر المتعددة بغسل الجنابة، فيكون المأمور به هو الاتيان بغسل الجنابة لا مطلق الغسل، فتكون الجنابة قيدا للمأمور به، وتحقق الغسل المقيد بهذا القيد إنما هو بالقصد، فيجب قصده.
قلنا: يمكن أن يكون المعنى أن الغسل للجنابة واجب، بأن يكون القيد بيانا للسبب لا جزءا للمأمور به، مع أنه إنما يفيد للقصد على القول بعدم ثبوت التداخل قهرا.
ومنه يظهر عدم وجوب قصد المميز في شئ من الأغسال الواجبة والمستحبة أيضا، لجريان الكلام فيها بعينه.
فلو كان على أحد عشرة أغسال، وأراد عدم التداخل، فغسل عشر مرات، يصح ويبرأ عن الجميع وإن لم يعين في كل واحد أنه أي غسل. ولو غسل خمسا برئ من خمس. وعدم تعينه غير ضائر، كما مر في الوضوء.