بالأمر والبعث للبدن، وهما لا يتصوران إلا مع القصد والشعور، ويلزمه أن لا يصدر عمل عما هو المكلف حقيقة أي النفس إلا بالقصد. ولما كان الحديث مقصورا على أفعال المكلفين بقرينة المقام، لا يراد من النفي فيه إلا معناه الحقيقي وإن قلنا بعدم توقف مطلق العمل على القصد، ويكون المراد بيان أنه لا عمل مطلقا أو من أفعال المكلفين إلا مع القصد.
ويمكن أن يكون المراد أنه لا عمل من الأعمال الشرعية إلا مع القصد، فلا وضوء ولا غسل ولا صلاة وهكذا إلا ما صدر بقصد وشعور، فلا يتحقق الامتثال بدونه.
ومما ذكر ظهر أنه لا حاجة إلى صرف المستفيضة عن حقيقتها، ولا يرد ما استشكله بعضهم من اقتضائه اشتراط النية في المعاملات، مع أنه خلاف الاجماع، فإنه إنما يرد على من اعتبر القيود في النية، وأما بهذا المعنى فيشترط في المعاملات إجماعا، إلا في ما ليس الأثر مترتبا على العمل، بل على تحقق السبب في الخارج كيف ما كان.
ثم لو سلم عدم بقاء الأخبار على حقيقتها، فالمتبادر من مثلها - كما صرحوا به - نفي الصحة أو الأثر، وهو أيضا مثبت للمطلوب.
ويدل عليه أيضا: ما يأتي من اشتراط قصد القربة، حيث إن الخاص مستلزم للعام.
المسألة الثانية: ويجب اشتمالها على القربة بأن يكون فعله لله سبحانه، بالاجماع والكتاب والمستفيضة.
منها. الخبران. " الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به، فإذا صعد بحسناته يقول الله تعالى: اجعلوها في سجين إنه لبس إياي أراد بها " (1).