على رأى الحكماء - في الخطأ والضلال [والجهل المركب الذي يحسبونه عذابا أبديا، فلو لم يتعرض لإبطاله، وقع كثير في الضلال]، ولو كان صوابا أيضا [وتعرض له أحد خطأ، فربما يصير ذلك سببا لزوال جهل هذا التعرض، إذا] تعرض أحد لرده، ونحو ذلك من المصالح والمفاسد التي لا يخفى.
فعلى هذا إذا كتب أحد شيئا، فإن كان له أدنى حظ من الفهم والشعور أو الورع [والدين]، لابد أن يوطن نفسه على أن يصير هدفا للملام وغرضا للسهام، ويرض بأن يتعرض له ذوو الأفهام، عسى أن يصير ذلك سببا لزوال جهله المركب، ومانعا من أن يقع خلق كثير بسببه في الضلال، ويكون ذلك عليه من أعظم الإثم والوبال، ويستحق به العقاب والنكال.
فإذن كل أحد ممن ذكرنا، إذا صنف كتابا أو ألف خطابا أو أبدع مقالة أو أنشأ رسالة، فذلك منه إيذان وإعلام بأنه راض بأن يتعرض له الأنام وينصب نحوه سهام الأقلام.
وظني أن ترك التعرض والإيراد على كلام أحد خوفا من أن يثقل عليه أو لا يرضى به من أسوء الظنون به؛ إذ في هذا الظن نسبة له إلى البلاهة وقلة الشعور والورع والاحتياط والدين، كما بينا وقررنا وجهه؛ و [أنا] مع ذلك كله معترف بالتقصير والزلات وأسأل من خلقه الكريم العفو والصفح، فإنه من أخلاق الكرام وخصال الخيار من الأنام.
وأيضا قال:
[وهذا الفاضل] قد حرم على نفسه التلفظ بالاستحالة، إما بزعم منا حيث بنينا الأجوبة على الاستحالة، وإما لإظهار كمال قوته وطول يده في الفضل بحيث يجيب عن الشبهة بدون التمسك بالاستحالة، كما فعل غيره؛ إذ عند التمسك بها، الجواب أسهل، بل الإشكال في أن يجاب بدونه، ولذا أورط نفسه في الورطات وأوقعها في الهلكات، والمرجو