وعلى هذا المنوال حال الكتابة، بل الشخص كلما كان شأنه أرفع تكون المعارضة معه أعز وألام مع النفس، بل الشخص المتعزز يكون بمنزلة لقمة لطيفة يطلب افتراسها الإنسان المفطور على السبعية.
وإنما الدنيا دار محنة وأي محنة، ولابد من التحمل والصبر الجميل، بل الشخص (1) لابد من التحمل (2) والصبر بإعداد من يعاشره ويعرفه ويصل إليه اسمه وصيته؛ لكون الكل مفطورا على الشرارة، فربما يصل إلى شخص في المشرق اسم شخص آخر في المغرب ويعاند الأول للثاني، وجهة المعاندة أن الإنسان من جهة شدة الطغيان يريد التفرد على وجه الأرض، فلما سمع بوجود شخص يوازنه على وجه الأرض، يجري في مقام دفعه وهتكه.
وأكثر ما يتفق هذا في أرباب العلم؛ حيث إن مقر العالم هو القلوب، وأفراده وأزواجه يزاحمونه في جميع الأصقاع، فالعالم يميل إلى انتفاء جميع الأفراد والأزواج في الأصقاع، وانحصار الأمر فيه، وكل واحد من الأفراد والأزواج يريد انتفاءه.
فلابد للعالم من تصفية النفس، وكف النفس عن الأذى، وتفويض الأمر إلى الله سبحانه، والعلم بأنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، وتحمل ما يصيبه من الأفراد والأزواج.
وأما من عدا العالم فليس حاله على هذا المنوال؛ مثلا التاجر يكون أمره على حسب تجارته بماله، ولا يزاحم عن تجارته تاجرا آخر غالبا إلا في صورة خيال الإمارة على من عداه، ولا صعب أصعب من الحلم.
ويرشد إليه ما ذكر من أن الله سبحانه لم يصف من الأنبياء السابقين بالحلم إلا