وقد أعجبني أن أذكر ما ذكر في باب عبد الله؛ إذ فيه تذكرة وإرشاد إلى نهج الخلوص ومنهج الإخلاص، فانظر واتعظ ليوم لا ينفع غير الإخلاص في الخلاص، ولات غيره بالمخلص والمناص.
ففي الكافي في باب إدخال السرور على المؤمن بسنده، عن محمد بن جمهور قال:
كان النجاشي - وهو رجل من الدهاقين - عاملا على الأهواز وفارس، فقال بعض أهل عمله لأبي عبد الله (عليه السلام): إن في ديوان النجاشي علي خراجا، وهو مؤمن يدين الله بطاعتك، فإن رأيت أن تكتب لي إليه كتابا، فكتب إليه أبو عبد الله (عليه السلام) كتابا: " بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك يسرك الله " قال: فلما ورد الكتاب عليه، دخل وهو في مجلسه وقال: هذا كتاب أبي عبد الله (عليه السلام)، فلما خلا ناوله فقبله ووضعه على عينيه وقال: ما حاجتك؟ قال: خراج علي في ديوانك، فقال له: وكم هو؟ قال: عشرة آلاف درهم، فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه، ثم أخرجه منها وأمره أن يثبتها له لقابل، ثم قال له: هل سررتك؟ فقال: نعم جعلت فداك، ثم أمر له بمركب وجارية وغلام وأمر له بتخت ثياب، في كل ذلك يقول: هل سررتك؟ فيقول: نعم جعلت فداك، فكلما قال: " نعم " زاده، حتى فرغ.
ثم قال له: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي، وارفع إلي حوائجك، قال: ففعل وخرج الرجل، فصار إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فحدثه بالحديث على جهته، فجعل يسر بما فعل، فقال الرجل: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنه قد سرك بما فعل بي فقال: " إي والله، لقد سر الله ورسوله " (1).
ورواه في التهذيب في أوائل كتاب المكاسب (2).