الأول: ان مقتضى ذلك هو ثبوت الترخيص الفعلي في كلا الطرفين عند ترك كليهما لتحقق شرط جريان الأصل في كل منهما، فيلزم الترخيص في ما علم حرمته بالفعل وهو قبيح.
الثاني: ان الحكم الظاهري لا بد وأن يكون مما يحتمل مطابقته للواقع، والإباحة المشروطة لا يحتمل مطابقتها للواقع لأننا إذا كنا نعلم بحرمة أحد الطرفين وبإباحة الاخر واقعا، فالحرمة المعلومة غير مقيدة بترك المباح، كما أن الإباحة المعلومة بالاجمال غير مقيدة بترك الحرام، بل هي مطلقة غير مشروطة.
الثالث: ان الإباحة الظاهرية انما لا تكون منافية للحرمة الواقعية إذا لم تصل الحرمة إلى المكلف، أما مع وصولها إليه صغرى وكبرى، فالمنافاة بينهما متحققة. وذلك لان المنافاة بين الحكمين انما تنشأ من التنافي بين مبدئيهما، وهو الإرادة والكراهة ونحوهما، أو من التنافي في مقام الامتثال، ومع الجهل بالحكم الواقعي الموضوع للحكم الظاهري لا تنافي في شئ من ذلك، أما من حيث المبدأ، فلان الحكم الظاهري انما ينشأ عن مصلحة في نفسه لا من خصوصية في متعلقه. واما في مقام الامتثال فلان الحكم الواقعي على تقدير عدم وصوله لا داعوية له، فلا ينافي الحكم الظاهري. فإذا فرض وصول الحكم الواقعي ولو بالعلم الاجمالي، كان جعل الحكم على خلافه من الجمع بين المتضادين (1).
وجميع هذه الايرادات مردودة:
أما الأول: فلانه اشكال نظير الاشكال الذي يورد به على الالتزام بالترتب من الجانبين في طلب الضدين المتساويين في الأهمية. فإنه يورد هناك: ان لازمه وجب كلا الضدين فعلا عند ترك كل منهما، فيلزم طلب الضدين معا بالطلب الفعلي.