الوجه لا يصلح وجها مستقلا قبال الوجه السابق، بل انما يتم بناء على عدم امكان الترخيص لتتحقق الداعوية الفعلية. فلا بد من نقل الكلام إلى امكان الترخيص من الجهة السابقة وامتناعه.
ويتحصل: انه لا دليل لدينا على منجزية العلم الاجمالي بنحو يتنافى مع جعل الأصول في أطرافه، فيكون محذور ثبوتيا في إجراء الأصول.
هذا كله على المسلك المشهور الذي يذهب إلى ثبوت حكم العقل بالعقاب والمنجزية في باب العلم التفصيلي، وبتبعه العلم الاجمالي على الخلاف السابق.
أما بناء على ما تقدم منا في مباحث القطع والبراءة من: انه لا مسرح للعقل في باب العقاب والثواب الأخرويين، لارتباطه بعالم لا يدرك العقل ملاكاته وخصائصه، كما تقدم توضيحه، فدعوى ثبوت حكم العقل بمنجزية العلم الاجمالي واضح الفساد، بل العقاب لا بد وان يلاحظ فيه جعل الشارع نفسه، لأنه بيده يجعله كيف يشاء.
وحينئذ نقول: إن ظاهر بعض الآيات الكريمة ترتيب العقاب على نفس مخالفة التكليف، لكنه يمكن دعوى اختصاص العقاب شرعا بمورد قيام البيان العرفي على التكليف الذي خالفه لا مطلق التكليف، إما لدعوى انصراف تلك الآيات المطلقة إلى صورة قيام الحجة والبيان، أو بملاحظة ما ورد من الآيات الظاهرة في عدم العقاب مع عدم البيان وثبوته معه، كقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (1). وبما أن العلم الاجمالي بيان عرفا للتكليف بحيث يصح للمولى الاعتماد عليه، كان مقتضى تلك الآيات ثبوت العقاب في مورده، ومعه لا يصح الترخيص ونفي العقاب من الشارع بمقتضى أدلة الأصول