أما الموصول، فهو - كما أفاد الشيخ - لا يكنى به عن المتعدد، وانما يكنى به عن الواحد، فيراد به الفعل الواحد لا الأفعال المتعددة كي يدعى أنه يكون دالا على أن الأفعال المتعددة لا يسقط بعضها إذا تعذر البعض الاخر، فيكون مختصا بمورد تعلق الحكم بافراد العام بنحو العموم الاستغراقي، فلا يشمل صورة تعذر بعض أجزاء المركب الذي هو موضوع الكلام فيما نحن فيه. فالمراد بما هو فعل المكلف، أعم من الطبيعة والمركب، فيكون النص دالا على عدم سقوط بعض افراد الطبيعة عند عدم ادراك البعض الاخر، كما يكون دالا على عدم سقوط بعض اجزاء المركب إذا تعذر البعض الاخر.
واما لفظ: " كل ". فقد ذكر الشيخ (رحمه الله) ان المراد به المجموع، ولا يمكن ان يحمل على العموم الاستغراقي، إذ إرادة العموم الاستغراقي منه تقتضي أن يكون المفاد: ان الافراد والاجزاء التي لا يدرك شئ منها لا يترك كل واحد واحد منها، وهذا مما لا معنى له، إذ مع عدم التمكن من كل فرد فرد كيف يؤمر بكل فرد فرد؟.
ولكن نقول: انه كما لا يمكن ان يراد ب: " كل " ما أفاده الشيخ (رحمه الله) لا يمكن ان يراد به المجموع أيضا، إذ بعد فرض عدم التمكن من المجموع كيف يؤمر به؟، فإنه متعذر على الفرض.
وحل المشكلة بما أفاده المحقق العراقي وتوضيحه: ان الامتناع إرادة العموم الافرادي من لفظ: " كل " انما يتم لو فرض ان العموم وارد على السلب - المعبر عنه اصطلاحا بعموم السلب - بحيث يراد سلب القدرة عن كل فرد فرد، ومعه لا معنى للنهي عن ترك كل فرد فرد - كما أفاد الشيخ -. وليس الامر كذلك بل السلب وارد على العموم، فالمراد هو سلب العموم الذي يتحقق بانتفاء بعض الافراد، نظير قولنا: " ليس كل عالم عادل "، فان النفي لم يتوجه للمجموع، إذ العدالة ليست من صفات المجموع، كما أنه لا يراد نفي العدالة