ولا يخفى ان الايراد المذكور لا يتوجه على التقرير الثاني لكلام النائيني (قدس سره) لعدم فرض المزاحمة فيه بين الامر بالمهم والامر بالأهم، وانما هي بين الامر بالمهم والامر بحفظ القدرة رأسا، فلا يتجه تقييد الامر بالمهم بعصيان الامر بالأهم المتأخر.
والذي يظهر من " المحاضرات " - بالنظرة العاجلة - ان نظر المحقق النائيني في الجهة الثانية من الاشكال هو فرض المحذور في لزوم اجتماع الحكمين - أعني الحكم بوجوب المهم والحكم بوجوب حفظ القدرة للأهم - في زمان واحد، فأورد عليه: بان هذا لازم عملية الترتب في سائر الموارد، بل أساس الترتب لتصحيح اجتماع الحكمين في زمان واحد، فالالتزام بامتناع الترتب هنا لاجل هذا اللازم يستدعي الالتزام بامتناعه مطلقا لاجل هذا اللازم أيضا (1).
وهذا عجيب جدا، فان نظر المحقق النائيني ليس إلى مجرد اجتماع الحكمين كي ينقض عليه بمطلق موارد الترتب، بل إلى التزاحم الواقع بينهما لاطلاق كل منهما بالإضافة إلى الآخر، وهذا المعنى لا يوجد في مطلق موارد الترتب لارتفاع التزاحم بين الحكمين بواسطة عملية الترتب، وهذا ظاهر بأدنى ملاحظة لكلام المحقق النائيني. فراجع.
واما الجهة الثالثة: فقد أورد عليها السيد الخوئي كما في " المحاضرات " - بعد الاسهاب في بيانها -، بأنه إنما يتم ذلك لو فرض ان عدم حفظ القدرة انما يكون بنفس القيام وعينه، بحيث تكون نسبتهما نسبة المتناقضين، فمع ارتفاع أحدهما وعدمه يتحقق الآخر ويكون تقدير عدم أحدهما عين تقدير الآخر، ولكن الامر ليس كذلك، فان عدم حفظ القدرة وتركه يلازم القيام لا عينه، ومن الواضح صحة الامر بأحد افراد اللازم على تقدير تحقق ملازمه، فيصح