وبما أن هذا المثال خارج عن موارد التزاحم كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى في ضابط التزاحم، نقتصر في موضوع الحديث على المثال الأول.
فنقول: انه إذا كان الواجب المتأخر أهم من الواجب الفعلي، فهل يمكن الالتزام بالترتب أو لا؟. بمعنى انه يلتزم بكون وجوب القيام في الواجب الفعلي كالظهر في المثال مترتبا على عصيان الامر بالقيام في الواجب المتأخر كالعصر.
ذهب المحقق النائيني (قدس سره) إلى امتناع الترتب في المقام لوجهين:
الأول: ان تعليق الامر الفعلي على عصيان الامر المتأخر لا بد وأن يكون بأخذ العصيان بنحو الشرط المتأخر - كما هو واضح جدا - وهو ممتنع كما قرر في محله. نعم تعليق الامر الفعلي على تعقب العصيان، فيكون الشرط هو عنوان التعقب لا نفس العصيان، أمر معقول لكنه يحتاج إلى دليل خاص، والا فنفس امكان الترتب لا يقتضيه، وليس لدينا ما يدل على شرطية التعقب.
الثاني: ان أساس جواز الترتب هو كون المهم في ظرف عصيان الأهم مقدورا وقابلا لتعلق الخطاب به، وهذا المعنى لا يتحقق فيما نحن فيه، فان عصيان الامر المتأخر لا يوجب مقدورية المهم فعلا، لحكم العقل فعلا بحفظ القدرة للواجب المتأخر الأهم، فلا يرتفع محذور المزاحمة وعدم القدرة بالترتب بعد وجود حكم العقل الفعلي بحفظ القدرة وهو رافع للقدرة على القيام فعلا ومزاحم للامر بالمهم.
ويمكننا ان نقول: ان نظر المحقق النائيني (قدس سره) في هذا الوجه إلى أن طرف المزاحمة في الحقيقة ليس هو الوجوب المتأخر كي تدفع باجراء عملية الترتب، لان داعويته متأخرة فلا تزاحم داعوية الامر بالمهم الفعلي. وانما طرف المزاحمة هو الوجوب العقلي الفعلي المتعلق بحفظ القدرة للواجب المتأخر، فليس مقصوده ان طرف المزاحمة كلا الوجوبين، فاجراء الترتب بين المهم واحدهما لا ينفع بعد وجود المزاحم الآخر.