بحيث يفرض في موضوع الامرين هو القراءة كي لا يتخلف القارئ عن أحدهما، بل متعلق الامر هو القراءة الجهرية أو القراءة الإخفاتية. ومن الواضح انهما ليسا من الضدين اللذين لا ثالث لهما، إذ المكلف قادر على تركهما معا بترك أصل القراءة (1).
وهذا الايراد غير متوجه، إذ الفرض الذي يبحث فيه في المقام فرض معين يقصد إثبات الامر فيه، وهو فرض تحقق القراءة الإخفاتية، فالمأخوذ في الموضوع هو القارئ بنحو اخفاتي، وليس الموضوع مطلق المكلف فيؤمر بالصلاة الجهرية والاخفاتية بنحو الترتب، إذ لا يلتزم أحد بلزوم الصلاة الإخفاتية بمجرد ترك الجهرية، كما لا يلتزم أحد بثبوت عقابين على ترك كلتا الصلاتين كما أنه ليس الموضوع هو المصلي فيؤمر بالقراءة الجهرية والاخفاتية بنحو الترتب، إذ لو ترك أصل القراءة في الصلاة لا يلتزم أحد بأنه مكلف بالقراءة الإخفاتية لتحقق موضوع الامر بها. إذن فالكلام موضوعه القارئ الذي قرا اخفاتا بدل الجهر. ومن الواضح ان القارئ لا يخلو حاله عن أحد الوصفين كما اعترف به نفس المستشكل، فهما من الضدين اللذين لا ثالث لهما فلا يتأتى الترتب.
وبالجملة: المفروض هو الجاهل المقصر الذي جاء بالقراءة الإخفاتية لا الذي ترك القراءة الجهرية، فقد أخذ في الفرض موضوعية القارئ اخفاتا لا تارك القراءة جهرا - فتدبر - وليس المقصود تطبيق الترتب بين القراءتين في سائر الصور كي يتأتى الايراد المذكور.
ومنها: ان الامر انما يصير فعليا باحراز موضوعه وبدونه لا يكون فعليا كما لا يخفى. وعليه فإذا كان موضوعه مما لا يقبل الاحراز بان كان احرازه