لوجهين آخرين:
الأول: ان الاخبار عن النجاسة ليس من سنخ الدلالة الالتزامية، والشاهد عليه ثبوت النجاسة لو كان ما يتكفل اثبات الموضوع هو الأصل، مع أن الأصل لا دلالة له التزامية كما قرر في محله. فتأمل.
الثاني: ان المورد من موارد ما كان المدلول المطابقي موضوعا والمدلول الالتزامي حكما، وقد عرفت خروجه عن محل البحث، لان الاخبار عن الموضوع اخبار عن حصة خاصة من الحكم، لان النجاسة - مثلا - لم تجعل بقول مطلق بل جعلت للملاقي، فالمخبر به التزاما نجاسة الملاقي، فإذا علم بعدم الملاقاة للبول فقد علم بعدم نجاسة الملاقي، فانتفى المدلول الالتزامي للعلم بخلافه.
واما الحل: فالوجه الثاني يخدش بوجهين:
أحدهما: أن يكون الاخبار عن الملزوم اخبارا عن حصة خاصة من اللازم - على تقدير تسليمه -، قد عرفت اختصاصه ببعض الموارد دون بعض.
الثاني: انه ما المانع من دعوى حجية الدلالة الالتزامية في ذات الحصة الخاصة على تقدير التشكيك في ثبوت المدلول المطابقي لا ثبوت عدمه واحراز انتفاعه، كي يقال باستلزامه ثبوت عدم المدلول الالتزامي؟.
والوجه الأول انما يتم في الدلالة العقلية، لان الحكم بثبوت اللازم لا يكون الا بعد العلم بثبوت الملزوم، وقد عرفت خروجها، اما الدلالة العرفية فلا تتوقف على ثبوت الملزوم، بل منشأ تحققها دلالة الكلام على ثبوت الملزوم، وهي متحققة، إذ الدلالة المطابقية انما تسقط عن الحجية لا عن الثبوت. ويشهد لما ذكرنا أن الدلالة الالتزامية تثبت للكلام مع العلم بانتفاء الملزوم وعدم إرادة المدلول المطابقي جدا، كما في الاستعمالات الكنائية. فتدبر.
فالذي ينبغي ان يقال في نفي حجية الدلالة الالتزامية عند انتفاء حجية