وثالثا: - وهو العمدة - ان تعلق التكليف بالجامع بحيث يشمل المقدور وغير المقدور يتنافى مع فرض التزاحم، لان التزاحم يكون لاجل تنافي الحكمين بحيث لا يمكن اجتماعهما، فيرتفع أحدهما ويبقى الآخر وهو الأهم.
وعليه، ففرض ثبوت التزاحم بين فرد الواجب الموسع والواجب المضيق وتقديم الواجب المضيق لازمه ارتفاع الامر بالفرد المزاحم وعدم شموله له والا لعاد التزاحم.
وبالجملة: فرض التزاحم ينافي الالتزام بتعلق الامر بالجامع.
وهذا الايراد لم نعرف الوجه في غفلة الاعلام عنه، فإنه لا يرد على خصوص السيد الخوئي، بل يرد على المحقق النائيني، لأنه قرر تعلق الامر بالجامع على تقدير دون آخر. بل يرد على أصل تقريب المحقق النائيني لكلام الكركي، فإنه تقريب غير علمي.
والذي تحصل: ان القدرة شرط للتكليف بحكم العقل من باب قبح تكليف العاجز على جميع المسالك.
ونتيجة البحث: ان التقريب الذي ذكره المحقق النائيني لكلام المحقق الكركي لا يخلو عن خدشة واشكال، فلا يمكن الالتزام به.
واما التقريب الذي ذكره صاحب الكفاية، فقد عرفت وجاهته، لكنه يبتني على احراز الملاك في الفرد المزاحم، فهو لا ينهض وجها مستقلا لتصحيح العبادة ما لم ينضم إليه الوجه الآخر الذي يبين فيه طريقة احراز الملاك ومع احرازه لا حاجة إلى ذلك الوجه الا بناء على توقف العبادة على قصد الامر وعدم كفاية غيره.
ثم إن كلام المحقق الكركي لو تم، فهو انما ينفع في مورد تزاحم الواجب الموسع والواجب المضيق، دون مورد تزاحم الواجبين المضيقين كما لا يخفى.
هذا مع أنه لا تزاحم بين الواجب الموسع والواجب المضيق لما سيأتي في