ما هي فلهذا مجال آخر، وانما الكلام في طريقة استدلاله على ذلك وانتهائه إليه، فان صدوره منه غريب جدا.
بيان ذلك: ان هناك أمرين وقع كل منهما محل النزاع.
أحدهما: حقيقة التكليف، وانها هل هي جعل الفعل في عهدة المكلف، أو انها انشاء التحريك والبعث وجعل الداعي.
ثانيهما: حقيقة الانشاء، وانها هل هي ايجاد المعنى باللفظ أو ابراز الاعتبار النفساني.
ومن الواضح ان النزاع في الثاني يجري على كلا القولين في الأول، فيقع الكلام بناء على كون التكليف عبارة عن جعل الفعل في العهدة في أن الانشاء هل هو ايجاد المعنى باللفظ أو ابراز الاعتبار النفساني. وهكذا يقع نفس الكلام بناء على كون التكليف عبارة عن جعل الداعي.
كما أن النزاع في الأول يجري على كلا القولين في الثاني فيقع النزاع في حقيقة التكليف وانها ما هي، بناء على كون الانشاء عبارة عن ايجاد المعنى باللفظ، كما يقع بناء على كون الانشاء عبارة عن ابراز الاعتبار النفساني، إذ يقال ان المبرز هل هو جعل الفعل في عهدة المكلف أو جعل البعث والداعي؟
وبالجملة: كل من الامرين يقع فيه البحث مستقلا عن الآخر، ويجري فيه النزاع بناء على كلا القولين في الآخر، فلا يكون اختيار أحد القولين في أحدهما مستلزما لاختيار أحدهما المعين في الآخر، إذ انه يتلاءم مع كليهما في الآخر.
وعليه، فالالتزام بان الانشاء عبارة عن ابراز الاعتبار النفساني لا ينتهي منه رأسا إلى كون التكليف جعل الفعل في عهدة المكلف.
وكلام السيد الخوئي ظاهر في ذلك بل صريح، فلا وجه له.
واما الامر الثاني: فليس الوجه فيه الا ما ذكره من أن حقيقة التكليف انما هي جعل الفعل في عهدة المكلف، فتعلقه بغير المقدور لا مانع عنه، ولا