عرفت أن لازمه اختصاص الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة. وفي كون الاشكال عليه من ناحية أخرى وهي عموم الملاك ونحوه.
وبالجملة: فظاهر كلامه هنا يتنافى مع ما تقدم منه عدم معقولية المقدمة الموصلة.
والذي صار بأيدينا من مجموع ما تقدم هو: إمكان القول بالمقدمة الموصلة، وامكان القول بوجوب مطلق المقدمة، فأيها يتعين الالتزام به؟.
استدل صاحب الفصول على الأول بوجوه ثلاثة ذكرها صاحب الكفاية:
الأول: ان طريق ثبوت وجوب المقدمة ليس إلا حكم العقل بالملازمة بين وجوب شئ ووجوب مقدمته، والقدر المتيقن منه هو الملازمة بين وجوب شئ ووجوب خصوص مقدمته الموصلة.
الثاني: ان العقل والضرورة قاضيان بصحة تصريح الامر بعدم إرادة المقدمة غير الموصلة في الوقت الذي يقضيان فيه بقبح تصريحه بعدم إرادة مطلق المقدمة أو خصوص الموصلة.
الثالث: انه لما كان الغرض من وجوب المقدمة هو التوصل بها إلى الواجب، فلا بد أن يكون حصوله مأخوذا في مطلوبيتها، فان من يريد شيئا لاجل التوصل إلى آخر لا يريده إذا تجرد عنه بلا إشكال.
واستشكل في هذه الوجوه صاحب الكفاية ببيان: انه بعد أن تقدم منا بيان ثبوت حكم العقل بوجوب مطلق المقدمة بلا تخصيص له بخصوص الموصلة، فلا يبقى مجال لدعوى كون القدر المتيقن منه وجوب الخصوص الموصلة، وبذلك يندفع الوجه الثاني، فإنه ليس للامر الحكيم التصريح بعد مطلوبية المقدمة غير الموصلة لثبوت الملاك فيها كغيرها.
نعم، له ان يصرح بعدم حصول المطلوب أصلا - مع حصولها فقط - لكون نظره الأصلي إلى المطلوب النفسي، فحين عدم حصوله لا نظر له إلى