العقل هو دون غيره، وإن لم يعلم الملاك فيه تفصيلا، إذ لا يعتبر حكم العقل معرفة ملاك ما يحكم به بنحو التفصيل، بل يكفي العلم الاجمالي بثبوت ملاك الحكم في المورد.
وبالجملة: فالوجه الأول يكفي في الحكم بوجوب خصوص المقدمة الموصلة، ومعه لا نحتاج إلى بعض الاستدلالات المذكورة، فإنه لا تنهض على المدعى كما جاء في كلام المحقق الأصفهاني من الاستدلال: بان الغرض من المقدمة لما كان تبعيا، والغرض الأصلي انما هو في ذي المقدمة فمع حصول المقدمة وعدم حصول ذي المقدمة لا غرض من هذه المقدمة (1). فإنه لا يخلو عن مصادرة، فان المتجه هو البحث عن الغرض والملاك في وجوب المقدمة وانه هل هو التوصل إلى الواجب أو التمكن منه؟. اما تبعية الغرض من المقدمة، فهو لا يعتبر في وجوبها مطلقا لو كان الغرض من وجوبها هو التمكن من ذيها. فكلامه (قدس سره) بعيد عن نقطة البحث.
ثم انك قد عرفت تصوير القول بالمقدمة الموصلة بالالتزام بتعلق الوجوب الغيري بالعلة التامة بلا ورود أي محذور فيه.
وبعد ان تبين نهوض الدليل على اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة، يمكننا القول بكونه متعلقا بالعلة التامة، فلا يكون لدينا إلا وجوب غيري واحد متعلق بالعلة التامة.
إلا أنه يتنافى مع ما هو المتسالم عليه بين الاعلام، والمفروغ منه لديهم، من تعلق الوجوب بكل مقدمة بنفسها، بحيث تتعدد الوجوبات الغيرية بتعدد المقدمات، وانما النزاع في اقتصار الوجوب المقدمات الموصلة أو عمومه